تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المقرض أهلية التبرع فيما يقرضه لأن في القرض شائبة التبرع ولذا امتنع تأجيله ووجب تنجيزه وإلا بطل وكذلك لا يصح إقراض الولي مالُ موليه من غير ضرورة ويجوز إقراض ما يُسْلَمُ فيه من حيوان وغيره لصحة ثبوته في الذمة ولحديث أبي رافع (أن النبي صلى الله عليه وسلم اقترض بكراً) وقيس عليه غيره ويجوز إقراض العملات جميعاً إذا كانت متداولة ومعروفة القيمة لأنها مثليّة فكل ما يتداوله الناس من عملات يجوز قرضه واقتراضه على أن يكون الوفاء منها لا من غيرها فإن اقترض عدداً ردَّ عدداً وإن اقترض وزناً ردَّ وزناً فقد اقترض أيوب بن حماد بن زيد دراهم بمكة عدداً وأعطاه بالبصرة عدداً فقد وفاه مثل ما اقترض فيما يتعامل به الناس فأشبه ما لو كانوا يتعاملون به وزناً فردَّ وزناً إلا الجارية التي تحل للمقترض فلا يجوز إقراضها له في الأظهر لأنه يخلو بها فربما استمتع بها فيكون بمعنى إعارة الجواري للوطء وهو باطل وحرام. خلافاً للسلم فإنه يجوز أن يكون رأس المال جارية فيملكها المُسْلَم إليه وما لا يسلم فيه لا يجوز إقراضه في الأصح لأن ما لا ينضبط أو يندر وجوده يتعذر أو يعسر رد مثله واستثني قرض الخبز لأنه مما تعم الحاجة إليه ولإطباق أهل الأمصار على اقتراضه وإقراضه على أن يكون وزناً للضرورة وَيُرَدُّ المثل في المثلي ولو نقداً أبطله السلطان لأنه أقرب إلى حقه والمثلي هو ما حصره وزن أو كيل وجاز السلم فيه وفي المُتَقَوّم المثل صورة أي يرد مثلَ صورته فقد استلف الرسول صلى الله عليه وسلم بكراً وهي صغيرة السن وردَّ رباعياً وهي التي أتممت ست سنين وقال: إن خياركم أحسنكم قضاءً. ومن لازم اعتبار الصورة اعتبار ما فيه من المعاني التي تزيد بها القيمة فيردّ ما يجمع تلك المعاني كفراهة الدابة ودقة الصنعة وجوده الثمرة ونقاء العسل والزيت والسمن ونظافة القمح والشعير والأرز والذرة ... الخ. وقيل القيمة أي يرد القيمة كالمتلف وتعتبر القيمة يوم الإقراض أي يوم قبض القرض وإذا اختلفا في قدر القيمة أو في صفة المثل فالقول قول المستقرض وأداء القرض في الصفة والزمان والمكان كالمُسْلَم فيه ولو ظفر المُقْرضُ به أي بالمقتَرِضِ في غير محل الإقراض وللنقل من محله إلى غيره مؤنة طالبه بقيمة بلد الإقراض وليس له المطالبة بالمثل لوجود المؤنة أما إذا لم يكن لنقله مؤنة كالنقد فله مطالبته به في أي موضع وجده فيه إذا حلَّ وقت الوفاء.

ولا يجوز الإقراض في نقد وغيره بشرط ردِّ صحيح غير مكسر أو أن يردَّ زيادةً على القدر المُقْرَضِ أوردِّ جيد عن رديء أو غير ذلك من كل شرط جر منفعة للمقرض فإن فعل فسد العقد لما روى البيهقي عن جمع من الصحابة فيهم علي وابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام (كل قرض يجرُّ منفعة فهو ربا)، وهو مع ضعفه فقد ورد معناه عند جمع من الصحابة ومعنى النهي أن موضوع عقد القرض الإرفاق فإذا شرط فيه لنفسه حقاً فقد خرج عن معناه فمنع صحته. ولو ردَّ هكذا زائداً على القدر أو الصفة بلا شرط فحسنٌ بل مستحب للحديث السابق (إن خياركم أحسنكم قضاءً)، رواه مسلم. ولا يُكْرَهُ للمقرض أخذه ولا أخذ هدية المستقرض بغير شرط فقد بوّب له البخاري فقال: باب إذا أقرضه إلى أجل مسمى أو أجله في البيع ثم قال: وقال ابن عمر في القرض إلى أجل لا بأس به وإن أعطى أفضل من دراهمه ما لم يشترط.

ولو شرط مكسراً عن صحيح وأن يقرضه غيره أي أن يقرض المُقْرضُ المقترض قرضاً آخر لغا الشرط فيهما ولم يجب الوفاء به لأنه وعد تبرع والأصح أنه لا يفسد العقد إذ ليس فيه منفعة للمقرض كما أنه زيادة في الإرفاق والإحسان.

ولو شرط أجلاً فهو كشرط مكسر عن صحيح إن لم يكن للمقرض غرضٌ أي لا يعتبر الأجل ويصح العقد وإن كان للمقرض غرض كزمن نهب فكشرط صحيح عن مكسر في الأصح فيفسد العقد وقيل يصح ولكن يلغو الشرط.

وله أي يحق للمقرض شرط رهن وكفيل وإشهاد وإقرار عند حاكم لأنه مجرد توثيق حق لا منافع زائدة فيها فإن أبى المقترض ذلك فللمقرض الفسخ وفي الحقيقة للمقرض الفسخ مطلقاً ويملك المقترض القرض بالقبض كالهبة وفي قول يملك بالتصرف الذي يزيل الملك من يد المقرض وله أي للمقرض الرجوع في عينه ما دام باقياً بحاله في الأصح ويلزم المقترض رده أما إذا فقده أو أتلفه فللمقرض المطالبة بمثله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير