تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كل شيء في سوقه لأنه مكان اجتماع طالبيه ويشهر بيع العقار استحباباً في وسائل الإعلام بثمن مثله حالاً من نقد البلد وجوباً لأن الثمن يتعلق به حقوق الغرماء فمن مصلحتهم أن يكون حالاً من نقد البلد ثم إن كان الدين من غير جنس النقد الذي بيع به مال المفلس ولم يرضَ الغريمُ إلا بجنس حقه اشترى له جنس حقه وجوباً لأنه واجبه وإن رضي بغير جنس حقه جاز صرف النقد إليه إلا في السلم لامتناع الاعتياض عن السلم فيه وهو يشمل النقد وغيره وقد علمنا سابقاً جواز السلم في النقد ولا يسلِّم الحاكم أو مندوبه مبيعاً قبل قبض ثمنه احتياطاً لحفظ مال الغرماء وإذا تلف الحق ضمنه الحاكم أو مندوبه وما قبض الحاكم أو مندوبه قسمه بين الغرماء بنسبة ديونهم مسارعة لبراءة الذمة إلا أن يعسر قسمه لقلته وكثرة الديون فيؤخر ليجتمع فإن أبى الغرماء قسمه بينهم ولا يكلفون عند القسمة ببيّنة بأن لا غريم غيرهم لأن الحجر اشتهر ولو وجد غريم آخر لظهر فلو قسم فظهر غريم شارك بالحصة لأنه بمشاركتهم حصل المقصود وقيل تنقض القسمة كما لو قسمت التركة فظهر وارث وهو مردود بأن حق الغريم حاصل بالمشاركة دون النقض ولو خرج شيء باعه قبل الحجر مُسْتَحقاً والثمن الذي قبضه المفلس تالف فكدين أي أنه حكم دين ظهر بعد القسمة فيشارك الغرماء من غير نقض القسمة كما ذكرنا وإن استحق شيء باعه الحاكم أو مندوبه وثمنه تالف بتوزيعه على أصحاب الاستحقاق قدم المشتري بالثمن على باقي الغرماء حتى لا يرغب الناس على شراء مال المفلس مخافة أن يخرج مستحقاً فتقديم مشتري العين المستحقة من مصلحة العقد وفي قول يحاصر الغرماء كسائر الغرماء وهذا مدفوع بما ذكر من رغبة الناس عن شراء مال المفلس وينفق الحاكم على المفلس و على من عليه نفقته من الزوجات والأقارب من طعام وكسوة وسكن إلا أن يستغني بكسب فإن لم يَفِ كسبُه كُمِّلَ له ما يكفيه من النفقة ويباع مسكنه إن كان محتاجاً إليه وخادمه ومركوبه في الأصح وإن احتاج إلى مركوب وخادم لزمانته ومنصبه حتى ولو كان محتاجاً لهما أو لأحدهما لضيق حق الآدمي مع إمكان استئجار مسكن أو مركوب أو خادم. وقيل يترك المسكن فقط وهو بعيد إذ حق الغرماء شاغل لجميع ماله.

ويترك له دست ثوب يليق به أي كسوة كاملة ولو مستعملة فإن كانت عنده اكتفينا بها وإلا اشْتُرِيَ له ثياب كاملة لأن الحاجة إلى الكسوة كالحاجة إلى الطعام. ودست الثوب هو قميص وسراويل وعمامة ومِكْعَب وهو ما يلبس في الرجل ويزاد في الشتاء جبة محشوة ترد البرد هذا بالنسبة للرجل وللمرأة ما يليق بها ولا بأس بفروة إذا كان البرد شديداً وهي ثوب سابغة لها ظهارة من القماش وبطانة من جلد الأنعام ولا بأس بالطيلسان إن اعتاد لباسه.

ويترك قوت يوم القسمة للمفلس ولمن عليه نفقتُهُ من زوجات وأقارب وليس عليه بعد القسمة أن يكتسب أو يؤجر نفسه لبقية الدين لأن الله سبحانه وتعالى إنما أمر بإنظار المعسر ولم يأمره باكتساب قال تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) البقرة280. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرماء معاذ (ليس لكم إلا ذلك) فخرج لكل واحد خمسة أسباع دينه.

والأصح وجوب إجارة أمِّ ولده والأرض الموقوفة عليه لبقية الدين لأن المنفعة كالعين في الوفاء وقيل المنفعة لا تعد مالاً حاصلاً ولو قلنا بهذا لأوجبنا دوام الحجر إلى قضاء الدين وهو مستبعد.

وإذا ادعى المدين أنه معسر أو قسم ماله بين غرمائه وزعم أنه لا يملك غيره وأنكروا أي أنكر الغرماء زعمه فإن لزمه الدين في معاملة مال كشراء أو قرض فعليه البيّنة فعليه البينة بالإعسار وبأنه لا يملك غيره وإلا فيصدق بيمينه في الأصح كأرش جناية أو ضمان مُتْلَفٍ لأن لزوم المال عليه من غير اختياره ومن المسائل كثيرة الوقوع أن يحلف أن يؤدي دين فلان يوم كذا من شهر كذا ثم ادعى الإعسار قبل الأجل فلا يحنث إلا أن يكون له مال ولو كان بعيداً يمكن إحضاره أو بيعه أو استبداله. وتقبل بينة الإعسار في الحال وهي رجلان وشرط شاهده أي الإعسار خبرة باطنه لطول مجاورة وطول مخالطة لأن الأقوال تخفى فلا يكتفي بمجرد الظاهر وهو أمر يقع فيه الكثيرون بالحكم على حال إنسان ناسين تصنعه وكذبه وبخله وعدم اهتمامه بلباسه أو بيته أو مأكله وأولاده. وليقل الشاهد هو معسر ولا يمحض النفي كقوله: لا يملك شيئاً بل يقيده

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير