تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رحم الله ابن عاشور .. ما كان أحراه أن يعمل بنصيحة نفسه!]

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 03:10 ص]ـ

قال العلامة الطاهر ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير):

((ثالثها: [أي ثالث أسباب التي حملت السلف على منع تفسير بالرأي]

أن يكون له ميل إلى نزعة أو مذهب أو نحلة؛ فيتأول القرآن على وفق رأيه، ويصرفه عن المراد، ويرغمه على تحمله ما لا يساعد عليه المعنى المتعارف، فيجر شهادة القرآن لتقرير رأيه، ويمنعه عن فهم القرآن حق فهمه ما قيَّد عقلَه من التعصب، عن أن يجاوزه فلا يمكنه أن يخطر بباله غير مذهبه، حتى إن لمع له بارقُ حق، وبدا له معنى يباينُ مذهبَه حمل عليه شيطانُ التعصب حملةً وقال: كيف يخطر هذا ببالك، وهو خلاف معتقدك؟! كمن يعتقد من الاستواء على العرش التمكن والاستقرار، فإن خطر له أن معنى قوله تعالى (القدوس) أنه المنزه عن كل صفات المحدثات، حجبه تقليدُه عن أن يتقرر ذلك في نفسه، ولو تقرر لتوصل فهمُه فيه إلى كشف معنى ثان أو ثالث، ولكنه يسارع إلى دفع ذلك عن خاطره لمناقضته مذهبه.))

قلت: رحم الله ابنَ عاشور، فكلامُه هذا منطبق عليه تمامًا في هذه المسألة!! وكأنه كان يريد أن يمثل بوقوعه فيما نهى عنه!

فإن (القدوس) في اللغة والعرف والاصطلاح يرجع إلى معنى الطهر

ولم يذكر أحد من أهل اللغة، ولا نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته ولا عن التابعين ولا عن الأئمة المهديين أن المراد بالقدوس هو المنزه عن صفات المحدثات!!

وإنما هو سبحانه المنزه عن كل نقص والمتصف بكل كمال.

فإن المحدثات توصف بأنها موجودة، وتوصف بأنها كبيرة، وتوصف بأنها عظيمة، وتوصف بأنها عليمة، وتوصف بأنها قديرة، وتوصف بكثير من الصفات التي لا ننزه الله عنها؛ لأنها صفات كمال، وصفات الخالق تختلف عن صفات المخلوق كما هو واضح، ولكن المراد أن مجرد الاشتراك في أصل الوصف لا يدل على انتفاء الصفة عن الله عز وجل، فوجود صفة (الاستواء) في البشر ليس دليلا على انتفاء هذه الصفة عن الله عز وجل، وهذا أمر متفق عليه بين جميع الطوائف، وإنما نفى هذه الصفة من نفاها لأمر آخر، لا لمجرد الاشتراك بين الخالق والمخلوق في أصل الوصف، سواء كان مع الاتفاق في المعنى العام مثل الوجود والقدرة، أو مع الاتفاق في مجرد اللفظ.

فالمقصود من هذا المثال بيان أن المبتدعة على أعينهم غشاوات ثقيلة تمنعهم من الاسترواح للحق ولو كان واضحا جليا، كهذا المثال المذكور هنا، وهذا هو ما ذكره ابن عاشور ثم وقع فيه بعينه في الموضع نفسه!

فإنه لا يخفى على الطاهر ابن عاشور ولا يخفى على صغار طلبة العلم أننا لا ننزه الله عن وصف الوجود ولا وصف العلم ولا وصف القدرة لمجرد وجود ذلك في المحدثات!!

فإن كان يقصد الصفات التي تنفرد بها المحدثات، فلا نسلم أن ذلك متحقق في صفة الاستواء، فهو إذن مصادرة على المطلوب، فعلى أي وجه قلبت الكلام كان باطلا.

فانظر يرحمك الله إلى هذا التنبيه الجميل الرائع من الطاهر ابن عاشور، ثم انظر إلى التناقض التام بين التنظير والتمثيل!! فالمثال أوضح ما يكون على وقوع الطاهر ابن عاشور فيما نهى عنه.

وأسأل الله أن يرحم الله علماءنا المسلمين سلفا وخلفا، وأن يغفر لهم ما زلوا فيه عن اجتهاد وتحر للحق، والله يرحمنا برحمته، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه.

ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[09 - 11 - 07, 05:30 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

ربما لست ممن يحق لهم التعليق على مقال شيخنا الكريم أبو مالك.

لكني أود أن أقول:

جزاه الله خيرا،

هذا المقال فيه دعم لكتاب ابن عاشور رحمه الله. فكم من مؤلف ذا فائدة ستزيد فائدته لو نقد بمثل هذا النقد.

ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[09 - 11 - 07, 07:25 ص]ـ

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل

وأنا لي وجهة نظر مخالفة لما ذكرته من مناقشة الشيخ المفسر ابن عاشور رحمه الله بنفسه

فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول [ما بال أقوام] لينبه على الخطأ ويعم النفع للمخطئ ومن لم يقع في الخطأ ولتبتعد الحزازات في النفوس بين الناصح والمنصوح.

لا سيما وأن الشيخ ابن عاشور رحمه الله أقبل على كتاب الله وفسره تفسيرا بديعا وإن كان لا يخلو من ملاحظات لكنه جيد في الجملة فلا يليق أن يقابل بمثل هذا الكلام

ورأيي القاصر وأنا أغترف من بحر علمك يا شيخنا الكريم:

أن تذكر الكلام مبهما قائله ثم تناقشه في كلامه فهذا أسلم وأبرأ وأقرب لاتباع السنة وهو مقارب لعملك في الموضوع الرائع أخطاء المحققين

هذا مجرد رأي أعرضه عليكم شيخنا الفاضل وأعلم أن لكم وجهة نظر قد ترون من المصلحة إبداء صاحب هذا الكلام فالمقصد الأول والأخير هو الوصول للحق من أي طريق كان

وجزاكم الله خيرا

ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[09 - 11 - 07, 08:30 ص]ـ

لله در ابن عاشور ما أجمل وأنفع تفسيره.

شكر الله لك أخي العوضي على هذه الفائدة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير