تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله وبما أنفقوا من أموالهم) النساء34، وقوله تعالى: (لينفق كل ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها) الطلاق7.

وروى أبوداود وغيره عن معاوية بن حيدة قال: (قلت: يا رسول الله ما حق الزوجة؟ قال صلى الله عليه وسلم: أن تطعمها إذا طعمت وأن تكسوها إذا اكتسيت) وزاد ابن ماجة (ولا يُضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر إلا في المبيت). (هكذا وردت بالمخاطب والغائب).

وتقدير النفقة على الزوجة معتبر بحال الزوج فإن كان الزوج موسراً وجب لها كلَّ يوم مدان وعلى معسر وهو الذي لا يقدر على النفقة بماله ولا كسبه كلَّ يومٍ مدُّ لأن أكثر ما أوجب الله في الكفارات للواحد مدان وهو في كفارة الأذى وذلك في قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأيه ففدية من صيام أو صدقة) البقرة196. وأقل ما أوجب للواحد مدٌّ كما في كفارة الظهار (فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً) المجادلة4. وقال صلى الله عليه وسلم لسلمة بن صخر: (أطعم ستين مسكيناً كلَّ مسكين مداً من طعام) أخرجه أحمد في المسند عن سلمة بن صخر. فقيست نفقة الزوجات على الكفارة لأن الله سبحانه شبه الكفارة بنفقة الأهل بقوله (من أوسط ما تطعمون أهليكم) المائدة9. والمتوسط أعلى حالاً من المعسر وأدنى حالاً من الموسر فوجب عليه من نفقة كلِّ واحد نصفها.

والمدُّ مائة وثلاثة وسبعون درهماً وثلث درهم وهو رطل وثلث بالبغدادي ورطل بغداد مائة وثلاثون درهماً. قلت الأصح مائة وأحد وسبعون وثلاثة أرباع درهم والله أعلم.

بناءً على قوله أن الرطل مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع الدرهم ومسكين الزكاة معسرٌ وهو من قدر على مال أو كسب يقع موقعاً من كفايته ولا يكفيه ومن فوقه إذا كان أو كلف مدّين رجع مسكيناً فمتوسط وإلا فمُوسرٌ وهو من يزيد دخله على خرجه ويختلف باختلاف الأحوال والبلدان.

والواجب غالب قوت البلد قال تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) البقرة233. والمعروف عند الناس غالب قوت البلد فإن اختلف غالب قوت البلد وجب لائق به أي بالزوج ويعتبر اليسار وغيره طلوع الفجر والله أعلم لأنه الوقت الذي يجب فيه التسليم وعليه تمليكها حباً كالكفارة فإن دفع الدقيق أو الخبز لم يجز وفي وجه أنه يجوز قال تعالى: (إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم) المائدة89. وكذا طحنه وخبزه في الأصح للحاجة إليهما ولو طلب أحدهما بدل الحب لم يجبر الممتنع منها لأن الواجب هو الحب كما لو كان لها طعام قرضٌ فلا تجبر على قيمته فإن اعتاضت جاز في الأصح لأنه طعام وجب على وجه ِ الرفق فجاز أخذ العوض عنه كالقرض إلا خبزاً أو دقيقاً على المذهب لما فيه من الربا ولو أكلت على العادة سقطت نفقتها في الأصح لأن العادة جرت بذلك في جميع الأعصار والأمصار. قلت: إلا أن تكون غير رشيدة ولم يأذن وليها بالأكل معه والله أعلم ويكون الزوج متبرعاً وأفتى جمع بأن نفقتها تسقط إذا أكلت معه. ويجب أُدْمُ غالب البلد كزيت وسمن وجبن وتمر ويختلف بالفصول ويقدره قاضٍ باجتهاده ويفاوت يبن موسر وغيره والأدم جمع إدام وهو ما يستمرأ به الخبز ويرجع في قدره وجنسه إلى العرف. روى عكرمة أن امرأة سألت ابن عباس وقالت له: ما الذي لي من مال زوجي؟ فقال: الخبز والأدم. ويجب لحم يليق بيساره وإعساره كعادة البلد وقدره الإمام الشافعي برطل من كل جمعه والرطل يزن 406.25 لأن العادة أن الناس يطبخون اللحم في كلِّ جمعة. وقالوا وقدر الشافعي رطل لحم في كل جمعة لأنه كان يعيش في مصر واللحم فيها يقل أما إذا كان بموضع يكثر فيه اللحم فإن الحاكم يفرض لها ما يراه مناسباً من رطلين أو أكثر.

ولو كانت عادتها أن تأكل الخبز وحده وجب الأُدْم ولا نظر لعادتها لأن ذلك حقها ولأن ذلك من المعاشرة بالمعروف. قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) النساء19.

روى جابر عن مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير