تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن أمكنتْهُ السباحة فتركها فهلك فلا دية في الأظهر لأنه سبب إهلاك نفسه بإعراضه عما ينجيه وقيل قد يمنعه من السباحة عارض كدهشة أو خوف أو ألقاه في نار يمكن الخلاص منها فمكث فيها ففي الدية القولان في الماء والأظهر عدم الوجوب ولا قصاص في الصورتين أي الإلقاء في الماء أو في النار. وفي الإلقاء في النار وجه بأنها توجب الدية بخلاف الماء لأن النار تؤثر بأول ملاقاتها للجسد ولو أمسكه واحد فقتله آخر أو حفر بئراً فرداه فيها آخر أو ألقاه من شاهق فتلقاه آخر فقدّه أي قطعه نصفين مثلاً قبل وصوله إلى الأرض فالقصاص في الأولى على القاتل وفي الثانية على المردي وفي الثالثة على القادِّ فقط أي دون الممسك والحافر والملقي ولكن يغررون. بالحبس ومثله ولو أمسك رجل بامرأة وزنا بها آخر فيحد الزاني. قال تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) البقرة194، فلو أوجبنا على الممسك القوَدَ مثلاً لكنّا قد اعتدينا عليه بأكثر مما اعتدى وأخرج الدارقطني في السنن عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن رجل أمسك رجلاً حتى جاء آخر فقتله فقال صلى الله عليه وسلم: (يقتل القاتل ويصبر الصابر)). قال أبو عبيد: قوله صلى الله عليه وسلم يصبر الصابر أي يحبس أي يعزر بالحبس. ولو ألقاه في ماء مغرق فالتقمه حوت وجب القصاص في الأظهر لأن الإلقاء سبب الهلاك والثاني لا يجب القود بل عليه الدية لأن الهلاك لم يكن بفعله ولو أكره على قتل شخص فعليه أي المُكْرِه القصاص وكذا يجب القصاص على المُكْرَه في الأظهر لأنهما شريكان في القتل فقد آثر المُكْرَه نفسه على نفس غيره وهذا يوجب القود. فقد روى البخاري وغيره عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قُتِلَ له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يُودَى أو يُقاد)) فالمُكْرَه قاتل. وقيل لا يجب القود لقوله صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).

فإذا وجبت الدية وزِّعت أي إذا عفا أولياء القتيل فقبلوا الدية وزعت عليهما المُكْرِه والمُكْرَه فإذا كافأه أحدهما فقط فالقصاص عليه دون الآخر وللولي تخصيص أحد المكافئين بالقتل أو أخذ حصته على الدية. ولو أكره بالغٌ مراهقاً أو صبياً أو مجنوناً على قتل إنسان فقتله فعلى البالغ القصاص إن قلنا عمد الصبي عمد وهو الأظهر لأن المأمور بالقتل لا يميز فهو كالآلة بيد الآمر فصار كما لو قتله بيده، وإن قلنا عمد الصبي خطأ فلا قصاص على البالغ لأنه شريك المخطيء.

ولو أكَرَه رجلٌ آخرَ على رمي شاخص بارز أمامه قد عَلِمَ المُكْرِه أنه رجلٌ وظنه المُكْرَهُ صيداً فرماه فقتله فالأصح وجوب القصاص على المُكْرِه وإن كان شريكه مخطئاً لأن خطأ شريكه كان نتيجة إكراه فجُعِلَ معه كالآلة أو أكرهه على رمي صيد فرماه فأصاب رجلاً فقتله فلا قصاص على أحدٍ منهما لأنهما ما تعمدا قتله أو أكرهه على صعود شجرة فَزَلِقَ ومات فشبه عمد لأن صعود الشجرة لا يقتل غالباً وقيل عمد لأنه متسبب بالقتل وهذا بعيد.

أو أكرهه على قتل نفسه بأن قال له اقتل نفسك وإلا قتلتك فقتل نفسه فلا قصاص في الأظهر لأن هذا ليس إكراهاً على الحقيقة حيث أن المخوف به والمأمور به شيء واحد ولأنه لا يخفى على أحد أن قتل نفسه غير جائز. ولو قال شخصٌ لآخر أقتلني وإلا قتلتك فقتله ذلك الشخص فالمذهب لا قصاص على القاتل لأن المقتول أهدر دم نفسه والأظهر لا دية أيضاً ولو قال اقتل زيداً أو عمراً فليس بإكراه على القتل ولو هدده بالقتل فإذا قتل واحداً منهما فعليه القصاص لاختياره للمقتول وعلى الآمر الإثم فقط.

? فصل في اجتماع مباشرتين ?

إذا وُجِد من شخصين معاً فعلان مُزْهِقان للروح مذففان أي مسرعان للقتل كحزّ للرقبة وقدٍّ أي قطع للجسم أو لا أو كانا غير مذففين كقطع عضوين فمات المقطوع بسببهما فقاتلان أي فعليهما القصاص وإن انهاه رجلٌ إلى حركة مذبوح بأن لم يبق له إبصارٌ ونطقٌ وحركة اختيار ثم جنى آخر فالأول القاتل لأنه أوصله إلى حالة الموت وعليه أعطي حكم الأموات ويعزر الثاني لهتكه حرمة ميت وإن جنى الثاني قبل الإنهاء إليها أي حركة مذبوح فإن ذفف الثاني كحز رقبة بعد جرح من الأول فالثاني قاتل وعليه القصاص وعلى الأول قصاص العضو أو مالٌ بحسب الحال من عمدٍ أو غير عمدٍ ولا اعتبار لإمكان السراية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير