تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بأنهم لا يدفعون الزكاة إلا لمن كانت صلاته سكناً لهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم ومطاع فيهم أي ويشترط وجود مطاع فيهم يصدرون عن رأيه وإن لم يكن منصوباً إذ لا شوكة لمن لا مطاع فيهم.

قيل وإمام لهم منصوب منهم عليهم ليحكم بينهم وهذا الوجه مردود بأن علياً قاتل أهل الجمل ولم يكن لهم إمام. ولو أظهر قومٌ رأي الخوارج كترك الجماعات وتكفير ذي كبيرة وكانوا في قبضة السلطان ولم يقاتلوا أهل العدل تُرِكوا فلا يجوز التعرض لهم لأنّا لا نكفرهم بفعلهم وقولهم السابقتين وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حمل علينا السلاح فليس منّا) رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من فارق الجماعة قدر شهر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) رواه أحمد وغيره عن أبي ذر، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية) رواه مسلم من حديث أبي هريرة، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئاً فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية) رواه مسلم عن ابن عمر.

فهذه الأحاديث حمولة على من خرج عن الطاعة بلا تأويل أو بتأويل فاسد قطعاً كمن مع الزكاة عناداً أو كتأويل ابن ملجم أنه وليُّ امرأة قتل عليٌ أباها فاقتص منه، وإلا أي قاتلونا أولم يكونوا في قبضتنا فقطاع طرق أي لهم ذات حكمهم فإن قتلوا أحداً ممن يكافئهم اقتص منهم كغيرهم وتقبل شهادة البغاة لأنهم ليسوا بكفرة ولا فسقة وقضاء قاضيهم يقبل فيما يقبل قضاء قاضينا إذا توافرت صفات القاضي فيه فيقبل قضاؤه لأن لهم تأويلاً يسوغ فيه الاجتهاد إلا أن يستحل دماءنا فلا يقبل قضاؤه لانتفاء العدالة المشترطة في القاضي وكذلك الشاهد إن كان يستحل دماءنا لا تقبل شهادته وسواءٌ في ذلك الشهادة في المال والدم والفروج. ويُنَفَّذُ كتابه بالحكم فإذا كتب قاضيهم إلى قاضينا جاز له قبول حكمه وتنفذه وقيل الأولى ألا ينفذ كتابه بالحكم إستخفافاً بهم وإظهاراً للغضب على بغيهم ويحكم بكتابه بسماع البينة في الأصح لأنهم ليسوا بفسقة عندنا فهم كأهل العدل المختلفين في الأحكام.

ولو أقاموا حداً وأخذوا زكاةً وخراجاً وجزية وفرقوا سهم المرتزقة على جندهم صح فقد روي أن علياً رضي الله عنه لمّا غلب أهل البغي وقد كانوا حكموا مدة طويلة بأحكام لم يطالب بشيء مما قد كانوا حبوه من ذلك. وإن ادعى مَنْ عليه الجزية أنه دفعها إليهم فإن عَلِمَ الإمام بذلك أو قامت به بينة لم يطالبه بشيء وإن لم يعلم الإمام بذلك ولا قامت به بينة لم يُقْبَل قولُ مَنْ عليه الجزية لأنه يجب عليه الدفع إلى الإمام فهم كفار ليسوا بمؤمنين وفي الأخير وجه أي أنه لا يقبل توزيعهم سهم المرتزقة على جندهم لأن في ذلك تشجيع للناس على الخروج على الإمام. وما أتلفه باغٍ على عادل وعكسه إن لم يكن في قتال ضمن أي يضمن كلٌ منهما ما أتلفه للآخر من نفسٍ ومالٍ لأن فعل البغاة خطأ معفو عنه لتأويلهم وبذلك فارق إتلاف الحربي. قال تعالى: (ومن قُتِلَ مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً) الإسراء33، ولأن إتلاف أحدهما على الآخر بغير قتال محرَّمٌ فوجب ضمانه كما لو أتلفوه قبل البغي. وإلا أي وإذا كان الإتلاف في قتال بسبب البغي فلا فلا ضمان على واحد منهما قال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) الحجرات9. فقد أمر بقتالهم ولم يوجب ضمان ما أتلفوه عليهم، أخرج عبدالرزاق في المصنف والبيهقي في السنن (أن هشام بن عبدالملك أرسل إلى الزهري يسأله عن اكرأة من أهل العدل ذهبت إلى أهل البغي وكفَّّرت زوجها وتزوجت من أهل البغي ثم تابت ورجعت هل يقام عليها الحد؟ فقال الزهري: كانت الفتنة العظمى بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم البدريون فأجمعوا على أنه لا حدَّ على من ارتكب فرجاً محظوراً بتأويل القرآن وأن لا ضمان على من سفك دماً محرماً بتأويل القرآن وأن لا غرم على من أتلف مالاً بتأويل القرآن).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير