تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن أصّرا أي المرتد والمرتدة على الردة قُبِلا لما روى البخاري عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بدّل فاقتلوه)) وإن أسْلَمَ صح إسلامه إذا أتى بالشهادتين وهما أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. وَتُرِكَ أي قبلت توبته فقد روى الشيخان عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)) وهذا قد قالها فيَعْصَمُ دمه ومالُه وقيل لا يُقْبَلُ إسلامه إن ارتدّ إلى كفر خَفيّ كزنادقةٍ وباطنية والزنديق من يظهر الإسلام ويخفي الكفر وقيل هو المنافق أما الزنديق فهو الذي لا ينتحل ديناً أبداً وأما الباطني فهو من يعتقد أن للقرآن ظاهراً وباطناً وأن الباطن هو المراد منه، والأول أصح فتقبل توبة المرتد وإسلامه سواء كان مسلماً أصلياً فارتد أو كافراً أسلم ثم ارتدّ وسواء كان ظاهر الكفر أو زنديقاً يظهر الإسلام ويبطن الكفر وسواء تكررت منه الردة والإسلام أم لا. قال تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف) الأنفال38. فأمر الله سبحانه بمخاطبة الكفار بالإنتهاء ولم يفرق بين صنف وصنف.

وأخرج البخاري عن المقداد بن الأسود أنه قال: (يا رسول الله أرأيت لو أن مشركاً لقيني فقاتلني وقطه يدي ثم لاذ عني بشجرة، فقال: أسلمت لله أفأقتله؟ فقال: لا، قال: فقد قالها بعد ما قطع يدي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنما هو مثلك قبل أن تقتله). ولقد كان المنافقون يظهرون الإسلام ويسرون الكفر والرسول يعرفهم بأسمائهم وكناهم ولا يتعرض لهم.

وولد المرتد إذا انعقد قبلها أي قبل الردة أو بعدها أي في الردة وأحد أبويه مسلم فمسلم بالتبعية تغليباً للإسلام، روى الطبراني في الصغير عن عائذ المزني (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه)) أو أبواه مرتدان فمسلم لبقاء علقة الإسلام في أبويه وفي قول مرتدٌّ بالتبعية لوالديه المرتدين. وفي قول كافرٌ أصلي لتولده بين كافرين ولم يباشر إسلاماً حتى يحكم بردته بعد الإسلام. قلت الأظهر هو مُرْتدٌّ إن لم يكن في أصول أبويه مسلم ونقل العراقيون الاتفاق على كفره والله أعلم فلا يُسترق لأن حُكمَ الولد الصغير في الدين حكم أبويه وإذا لم يجز سبي أبويه لم يَجُزْ سبيُهُ كولد المسلمين أما إذا كان في أحد أصوله مسلم وإن بَعُدَ فهو مسلم تبعاً له كما هو الحكم في اللقيط.

وفي زوال ملكه عن ماله بها أي بالردة أقوال أظهرها إن هلك مرتداً بأن زواله بها أي زال ملكه بالردة وإن أسلم بان أنه لم يَزُلْ لأن بطلان عمله يتوقف على موته مرتداً فكذا زوال ملكه وعلى الأقوال كلها يقضى منه دين لزمه قبلها أي قبل الردة لأنّا إذا قلنا يوقف ماله فيؤدي دينه وإن قلنا يزول ملكه فيعتبر كالموت فيقدم الدين على حق الورثة وينفق عليه منه أي من ماله مدة الاستتابة والأصح يلزم غُرْمُ إتلافه مال غيره فيها أي أثناء ردته ونفقة زوجات وقَفَ نكاحهن وقريب من أصل أو فرع وإن تعدد لأنها حقوقٌ متعلقةٌ به فوجب دفعها من ماله وإذا وقفنا ملكه وهو الأظهر وفرعنا عليه فتصرفُهُ إنِ احتملَ أي قَبِلَ الوقْفَ بأن قبل التعليق كعتق وتدبير ووصية موقوف إن أسلم نفذ أي بان صحته ونفوذه وإلا فلا وذلك بأن مات مرتداً فلا ينفذ من ذلك شيء وبيعه وهبته وكتابته مما لا يقبل الوقف باطلةٌ بناء على الجديد وهو بطلان وقف العقود وعلى القديم وهو صحة وقف العقود هي موقوفة فإن أسلم حكم بصحتها وإلا فلا.

وعلى الأقوال السابقة يجعل ماله مع عَدْلٍ وأمته عند امرأة ثقة لتعلق حق المسلمين به ويؤدي مُكَاتَبُهُ النجوم إلى القاضي حفظاً لها ولا يقبضها المرتدُّ لأن قبضه غير معتبر.

? كتاب الزنا ?

الزنا هو القصد الزنى لغة حجازية وبالمد الزنا لغة تميمية وأجمعت الملل على تحريمه ومن ثم كان أكبر الكبائر بعد القتل وقيل هو أعظم من القتل ولهذا كان حده أشدُّ الحدود لأنه جناية على الأعراض والأنساب والدليل على تحريمه الكتاب والسنة والإجماع.

قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه فاحشةًً وساء سبيلاً) الإسراء32. وقال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقَ أثاماً) الفرقان68.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير