تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نساء الكفار وصبيانهم إذا أسروا رَقُّوا أي صاروا أرقاء بنفس الأسر فخمسهم لأهل الخمس وأربعة أخماسهم للغانمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتلهم إذا لم يقاتلوا فقد روى الشيخان عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد امرأة نقتولة في بعض المغازي فنهى عن قتل النساء والصبيان). وكذا العبيد فإتهم يصيرون بالأسر أرقاء لنا ويجتهد الإمام في الأحرار الكاملين إذا أُسِروا ويفعل فيهم الأحظ للمسلمين من قتلٍ بضرب رقبة ومَنٍّ عليهم بتخلية سبيلهم وفداء بأسرى أو مال يؤخذ منهم وسواءفي ذلك مِنْ مالهم أو من أخذ منّا وهو في أيديهم واسترقاق قال تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدُّوا الوثاق) محمد4. وقوله فشدُّوا الوثاق أي بالأسر قال الشافعي حدثنا عدد من أهل العلم من قريش وغيرهم من أهل العلم بالمغازي (أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر النضر بن الحارث العبدري وقتله صبراً). وروى البيهقي من طريق محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل بالأسرى أمر عاصم بن ثابت فضرب عُنُقَ عقبة بن أبي معيط صبراً.

وروى مسلم عن عمران بن حصين (أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى أسره أصحابه برجلين أسرتهما ثقيف). وروى أبو داود والنسائي والحاكم من حديث ابن عباس قال: (جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء أهل الجاهلية يومئذ (يعني في بدر) أربعمائة).

وروت عائشة (أن أهل مكة لما وجهوا فداء أسراهم وجهتْ زينبُ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء زوجها أبي العاص بن الربيع فكان فيما وجهت قلادة أدخلتها بها خديجة على أبي العاص فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفها فرقَّ لها وقال للمسلمين (إذا رأيتم أن تُخَلُّوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها ففعلوا ذلك)) رواه عن عائشة أبو داود وأحمد والحاكم.

وروى الشيخان عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خيلاً قَبِلَ نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: يا محمد عندي خير إن تقتل تقتل ذا دم وإن تُنْعِم تُنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تُعْطَ ما شئت. فترك حتى كان الغد ثم قال له: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: ما قلت لك إت تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى كان بعد الغد فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك. فقال: أطلقوا ثمامة). فإن خفي الأحظ على الإمام في الحال حبسهم حتى يظهر له الأحظ فيفعله وسواءٌ في الاسترقاق العربي والوثني والكتابي غيرهم وقيل لا يسترق وثني لأنه كالمرتد فإنه مَنْ لم يجزْ حقنُ دمه بالجزية لم يَجُزه حقن دمه بالاسترقاق وكذا عربي في قول قديم وفيه حديث ضعيف لا يحتج بمثله رواه البيهقي عن معاذ (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: لو كان الاسترقاق ثابتاً على العرب لكان اليوم وإنما هو إسارٌ وفداءٌ. وقد سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق وهوازن وقبائل العرب وأجرى عليهم الرق) رواه الشيخان عن ابن عمر.

ولو أسلم أسير عصم دمه لما روي الشيخان عن ابن عمر وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم) وبقي الخيار في الباقي. وهو المَنُّ والفداء والإرقاق لأن المخير بين أشياء إذا سقط بعضها لتعذره لا يسقط الخيار في الباقي كمن عجز عن العتق في الكفارة فإنه ينتقل إلى غيره وإسلام كافر قبل ظَفَرٍ به يعصمُ دمَهُ ومالَه وصغارَ ولده للحديث السابق وسواءٌ في ذلك أسلم وهو محصور وقد قَرُبَ الفتحُ أو أسلم في حال أمنه وسواءٌ أسلم في دار الحرب أو في دار الإسلام أما أولاده البالغون العقلاء فلا يعصمهم إسلام الأب لاستقلالهم بالإسلام لا زوجَتَه فإسلام الزوج لا يعصم زوجته عن الاسترقاق على المذهب المنصوص لاستقلالها وقيل لا تسترق زوجته لئلا يبطل حقه من نكاحها فإن استرقت انقطع نكاحه في الحال لأنه زال ملكها عن نفسها بالاسترقاق فملك الزوج أولى بالزوال ولأنها صارت أمة كافرة ولا يجوز إمساك الأمة الكافرة للنكاح كما يمتنع ابتداء نكاحها. فقد روى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري أنه قال (أصبنا نساء يوم أوطاس فكأن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجلَّ في ذلك (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) النساء24). أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن والمراد بالمحصنات هنا المتزوجات.

وروى أحمد في المسند وأبو داود عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس (لا تُوطأ حاملٌ حتى تضع ولا حائل حتى تحيض) وفي رواية البيهقي في السنن (حتى تحيض حيضة). ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين ذات زوج وغير ذات زوج.

وقيل إن كان بعد الدخول بها انتُظرتِ العدَّةُ فلعلها تعتق فيها. كالمرتدة فإن اعتقت استمر النكاح وإن تسلم فلا لأن إمساك الحرة الكتابية جائز وهذا الوجه مرجوح لأن حدوث الرقِّ يقطع النكاح فأشبه الرضاع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير