تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحدُّ الحرِّ أربعون لما روى مسلم عن أنس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب في الخمر بالجريد والمعال أربعين) وروى أبوداود عن عبدالرحمن بن أزهر (أنه صلى الله عليه وسلم أمر بجلد الشارب أربعين) وروى الشافعي في ترتيب المسند عن عبدالرحمن بن أزهر قال: (أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بشارب الخمر فقال: (اضربوه) فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب وحثوا عليه التراب ثم قال صلى الله عليه وسلم: (بَكْتِوهُ) فبكتوه) والنبكيت أن يقال للرجل أما خشيت الله أما اتقيت الله؟

(فلما كان زمن أبي بكر رضي الله عنه أُتي بشارب فسأل من حضر ذلك الضرب فقوَّمَه فضرب أبوبكر في الخمر أربعين جلدة ثم عمر ثم تتابع الناس في الخمر فاستشار عمر الصحابة رضي الله عنهم فضربه ثمانين) ذكره الشافعي في المسند ورقيق عشرون بسوط أو أيدٍ أو نعال أو أطراف ثياب وحد العبد على النصف من حد الحرِّ ولأنه حدٌّ يتبعض فكان الجلد على النصف من الحرِّ كالجلد في الزنا. فقد روى البخاري عن أبي هريرة قال: (أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فأمر بضربه فمنّا من ضربه بيده ومنا من ضربه بنعله ومنا من ضربه بثوبه). والمراد بالضرب بالثوب أن يُفْتَلَ الثوب حتى يشتد ثم يضرب به وقيل يتعين للجلد سوط كحدِّ الزنا والقذف. قال ابن الصلاح والسوط متخذ من جلود سيور تلوى وتلف وسمي بذلك لأن يسوط اللحم بالدم أي يخلطه هذا عند الجلد القوي أما جلد الضعيف فلا يكون بالسوط جزماً لأنه قد يؤدي إلى هلاكه.

ولو رأى الإمام بلوغه أي الحدِّ ثمانين جاز في الأصح لما روى الدارقطني في السنن والبيهقي في السنن الكبرى عن أبي وبرو الكلبي قال: (أرسلني خالد ين الوليد إلى عمر فأتيته ومعه عثمان وعلي وعبدالرحمن بن عوف وطلحة والزبير فقلت: إن خالداً يَقْرأ عليك السلام ويقول إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فيه، فقال عمر: فما ترون؟ فقال عليٌ: إنه إذا شرب سكر وإذا سَكِرَ هذى وإذا هذى افترى فيُحَدُّ حدَّ المفتري، فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال، فجلد خالدٌ ثمانين وجلد عمر ثمانين).

وروى مسلم وأحمد عن علي أنه قال: (جلد رسول الله أربعين وأبوبكر أربعين وعمر ثمانين وكلٌّ سنة وهذا أحبُّ إليَّ). وكان عمر إذا أُتي بالرجل المنهمك بالشرب جلده ثمانين وإذا أُتي بالرجل الضعيف الذي كان منه الزلَّة جلده أربعين. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى عن أبي وبرة الكلبي.

والزيادات على الأربعين في الحرِّ والعشرين في العبد تعزيراتٌ لأ، ها لو كانت حداً لما جاز تركها وقيل حدٌّ لأن الصحابة بلغوا في حدِّ الحرِّ ثمانين كما أن التعزير لا يكون إلا عن جناية مخففة كما أنه لا ينحصر في ثمانين وعلى هذا فإن حدَّ الشرب مخصوص من بين الحدود بأنه يتحتم بعضه ويتعلق بعضه باجتهاد الإمام.

ويُحدُّ شارب الخمر بإقراره أو شهادة رجلين لا بشهادة رجل وأمرأتين لأ، البينة ناقصة والأصل براءة الذمة. لا بريح الخمر وسكر وقيء لاحتمال كونه غالطاً أو مكرهاً والحدود تدرأ الشبهات ويكفي في وجوب الحدِّ في إقرار وشهادة شَرِبَ فلانٌ خمراً أو شربت خمراً أو شرب مما شرب منه فلان فسكر وقيل يُشْتَرَط في كلٍّ من المقر والشاهد أن يقول شربها وهو عالم بتحريمها وأنها خمرٌ مختارٌ في شربها غير مكره لأنه إنما يعاقب باليقين ولا يُحَدُّ حال سكره بل يؤخر حتى يفيق ليرتدع وسوط الحدود في الشرب والزنا والقذف بين قضيب وهو الغصن الرقيق جداً وعصا متو سطة رطب ويابس ويفرقه على الأعضاء أي يفرق الضرب على الجسم إلا المقاتل فلا يضرب عليها والمقاتل مواضع يسرع القتل إليها بالضرب كالقلب وثغرة النحر والفرج لأن القصد زجره لا إهلاكه فقدروى البيهقي عن علي أنه قال للجلاد: (أعطِ كل عضو حقه واتقِ الوجه والمذاكير). والوجه فلا يضربه فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه)) قيل والرأس فلا يضربه أيضاً والأصح خلافه فقد روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال للجلاد: (اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس). ولا تشدُّ يده أي المجلود بل تترك مطلقة يتقي بها فإذا وضعها على موضع ضرب غيره ولا تجرد ثيابه الخفيفة التي لا تمنع أثر الضرب أما يمنع أثر الضرب كالجبة المحشوة والفروة فتنزع عنه وجوباً لحصول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير