تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عن علي رضي الله عنه، في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (… ثم افاض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بسَجْلٍ من ماء زمزم، فشرب منه وتوضا، ثم قال: أنزعوا يا بني عبد المطلب، فلولا ان تُغْلَبوا عليها لنزعت)).

ودلالة الحديث ظاهرة، فهو صلى الله عليه وسلم القدوة والاسوة الحسنة.

((وروى الحُمَيدي برجال ثقات عن وائل بن حُجْر، قال: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدلوا من ماء زمزم، فشرب، ثم توضأ، ثم مجَّ في الدلو مسكا و طيب من المسك، واستنثر خارجاً من الدلو)).

وايضا اذا كان من السنة صب ماء زمزم على الراس والبدن للتبرك به، فمن باب اولى التبرك به في الوضوء.

ومن المسائل الفقهية التي يُستحسن التنبيه اليها، ما يقع لبعض المسافرين، وهم يحملون من ماء زمزم، ويتزودون به في عودتهم الى بلادهم، فيحصل ان احياناً ينفذ ما معهم من المياه العادية من غير زمزم في طريق سفرهم، ويحتاجون الى الوضوء ونحوه من الطهارات، فلا يجدون غير زمزم.

وعلى هذا فالواحد من هؤلاء ان كان معه من ماء زمزم ما يكفي للشرب في سفره، ولا يخاف على نفسه العطش لا في الحال ولا في الارتحال، ويَفْضُل عن ذلك ما يكفي لوضوئه وطهارته، فلا يجوز له التيمم في هذه الحالة، ولا يصح؛ لانه واجدٌ للماء.

وقد سئل الإمام ولي الدين ابو زرعة العراقي، عن من حمل معه شيئاً يسيراً من ماء زمزم، هل يلزم عن فقدان الماء العادي ان يتوضأ به ام لا، فيتمم؟ فاجاب رحمه الله:ـ

انه لافرق في الماء المطلق الطهور بين ماء زمزم وغيره، فمن حضرته الصلاة، ومعه ماء كافٍ لطهورِه، وهو غير محتاج اليه للعطش، ولا في الحال ولا في المآل، وجب عليه استعماله، سواء أكان زمزم او غيرها.

وان كان لا يكفي في الطهارة، ففي وجوب استعماله خلاف، والاصح الوجوب ايضاً، وحيث تيمم، مع وجود الماء، ووجود استعماله، ولايصح تيممُه.

ثم قال الامام رحمه الله:ـ وان قال ـ حامل زمزم ـ انما حَمَلْتُه للتداوي؟

قلنا:ـ ان كانت حاجة التداوي قائمة في الحال، فهي مقدمة على الطهارة، وان لم تكن قائمة في الحال، وانما مرتقبة في المستقبل ـ فلا تؤخر الطهارة الواجبة في الحال؛ لامر قد يقع في المستقبل، أو لا يقع.

فان، قال: فَلِمَ اعتبرتم حاجة العطش، وان كانت مسْتَقبلةٌ مُتَوقَعة؟

قلنا: احتياج الشخص الى الماء للشرب محقّق، ولا يمكن انفكاكه، واحتياجه للدواء قد يقع، وبتقدير وقوعه، فقد يسد مسدّ ذلك الدواء وغيره، بخلاف الماء للعطش، ولا يقوم غيره مقامه.

حكم التبرك به، وحمله من مكة الافاق، وبيعه

رأينا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والتابعون لهم باحسان، يحرصون الحرص كلّه على التبرك بماء زمزم، واستعماله في شربهم ووضوئهم وصبِّه على رؤوسهم وابدانهم ونحو ذلك وفي كل ما يرجون فيه الخير، وفيما يلي أورد جملة من اخبار السلف، في ذلك:ـ

اولاً: حرص التابعي وهب بن منبه،على التبرك بماء زمزم:ـ

هذا الامام وهب بن منبه التابعي الثقة العلامة الحافظ، قاضي صنعاء، الذي كان عنده من علم اهل الكتاب الشيء الكثير، كان اذا دخل مكة لا يشرب ولا يتوضأ الا من ماء زمزم، فقد روي ((انه مرض، فدخل عليه عليه عُوَّاد وهو مريض، فاستسقى بعضهم ـ طلب بعضهم ماء ـ فسُقي ماءُ زمزم، فقال بعضهم: لو استعذبت يا فلان ـ أي اتيت لنا بماء عذب غير ماء زمزم، فقال: وهب بن ومنبه: مالي شراب ولا غُسلٌ ولا وضوء غيرها، من حين ادخل مكة الى ان اخرج منها، واني لاجده ـ ماء زمزم ـ مكتوباً في كتاب الله عز وجل، أي كُتُبِ اهل الكتاب:ـ برَّة شراب الابرار، واني لاجده في كتاب الله:ـ المضنونة، ضنَّ بها لكم، والذي نفسي بيده لا يرد بها عبد مسلم، فيشرب منها الا اورثه الله شفاء، واخرج منه داء)).

ثانياً: بقاء الشيخ عبد الله الحضرمي 53 سنة ولا يتوضأ الا بماء زمزم:ـ

ومما ذُكِر عنه الحرص الشديد على التوضئ بماء زمزم، وهو الامام الفقيه عبد الله بن احمد الحضرمي المكي الشافعي رحمه الله، فقد بقي في مكة ثلاثاً وخمسين سنة، لم يتوضأ الا من ماء زمزم.

ثالثاً: غسل الموتى بماء زمزم بعد تطهيرهم رجاء البركة:ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير