وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ , وَالشَّافِعِيِّينَ: خَالَفُوا مَا رُوِيَ، عَنْ عُمَرَ , وَابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا ; فَمَالِكٌ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُدِيرِ وَغَيْرِ الْمُدِيرِ , وَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَمَّنْ بَاعَ عَرَضًا بِعَرَضٍ , مَا لَمْ يَنِضَّ لَهُ دِرْهَمٌ , وَلَيْسَ هَذَا فِيمَا رُوِيَ، عَنْ عُمَرَ , وَابْنِهِ. وَالشَّافِعِيُّ: يَرَى أَنْ لاَ يُزَكِّيَ الرِّبْحَ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ إلاَّ الصَّيَارِفَةُ خَاصَّةً , وَلَيْسَ هَذَا، عَنْ عُمَرَ , وَلاَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَكُلُّهُمْ يَرَى فِيمَنْ وَرِثَ عُرُوضًا أَوْ ابْتَاعَهَا لِلْقُنْيَةِ ثُمَّ نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ: أَنَّهَا لاَ زَكَاةَ فِيهَا , وَلَوْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ ;، وَلاَ فِي ثَمَنِهَا إذَا بَاعَهَا ; لَكِنْ يَسْتَأْنِفُ حَوْلاً ; وَهَذَا خِلاَفُ عُمَرَ , وَابْنِ عُمَرَ ; فَبَطَلَ احْتِجَاجُهُمْ بِهِمَا رضي الله عنهما. وَقَدْ جَاءَ خِلاَفُ مَا رُوِيَ، عَنْ عُمَرَ , وَابْنِ عُمَرَ، عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم.
حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ الْخُوزِيُّ قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ نَافِعٍ إذْ جَاءَهُ زِيَادٌ الْبَوَّابُ فَقَالَ لَهُ: إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: أَرْسِلْ زَكَاةَ مَالِك. فَقَامَ فَأَخْرَجَ مِائَةَ دِرْهَمٍ , وَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلاَمَ , وَقُلْ لَهُ: إنَّمَا الزَّكَاةُ فِي النَّاضِّ. قَالَ نَافِعٌ: فَلَقِيت زِيَادًا فَقُلْت لَهُ: أَبْلَغْته. قَالَ: نَعَمْ , قُلْت: فَمَاذَا قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. فَقَالَ: قَالَ: صَدَقَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا أَرَى الزَّكَاةَ إلاَّ فِي الْعَيْنِ.
حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ رِفَاعَةَ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا أَبُو عُبَيْدٍ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنْ قَطَنٍ قَالَ: مَرَرْت بِوَاسِطَ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَقَالُوا: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنْ لاَ تَأْخُذُوا مِنْ أَرْبَاحِ التُّجَّارِ شَيْئًا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حدثنا مُعَاذٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ: أَتَيْت الْمَسْجِدَ وَقَدْ قُرِئَ الْكِتَابُ , فَقَالَ صَاحِبٌ لِي: لَوْ شَهِدْت كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَرْبَاحِ التُّجَّارِ أَنْ لاَ يُعْرَضَ لَهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ. فَهَذَا ابْنُ الزُّبَيْرِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ نَافِعٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا، عَنْ عَائِشَةَ. وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.
قال أبو محمد: وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَأْتِ خِلاَفٌ فِي ذَلِكَ لَمَا وَجَبَتْ شَرِيعَةٌ بِغَيْرِ نَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ لاَ يُشَكُّ فِي، أَنَّهُ قَالَ بِهِ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،. وَقَدْ أَسْقَطَ الْحَنَفِيُّونَ الزَّكَاةَ، عَنِ الإِبِلِ الْمَعْلُوفَةِ وَالْبَقَرِ الْمَعْلُوفَةِ , وَأَمْوَالِ الصِّغَارِ كُلِّهَا إلاَّ مَا أَخْرَجَتْ أَرْضُهُمْ. وَأَسْقَطَ الْمَالِكِيُّونَ الزَّكَاةَ، عَنْ أَمْوَالِ الْعَبِيدِ , وَالْحُلِيِّ. وَأَسْقَطَهَا الشَّافِعِيُّونَ، عَنِ الْحُلِيِّ , وَعَنِ الْمَوَاشِي الْمُسْتَعْمَلَةِ. وَكُلُّ هَذَا خِلاَفٌ لِلسُّنَنِ الثَّابِتَةِ بِلاَ بُرْهَانٍ. وَذَكَرُوا الْخَبَرَ الَّذِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عُمَرَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ r مُصَدِّقًا فَقَالَ: مَنَعَ الْعَبَّاسُ , وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ , وَابْنُ جَمِيلٍ. فَقَالَ
¥