[كلية جامعة لرصد الخيار في العقود]
ـ[الموسى]ــــــــ[07 - 08 - 07, 04:21 م]ـ
رصد الخيار في العقود
فصل: والعقود على أربعة أضرب: أحدها , عقد لازم , يقصد منه العوض , وهو البيع وما في معناه , وهو نوعان ; أحدهما , يثبت فيه الخياران: خيار المجلس , وخيار الشرط , وهو البيع فيما لا يشترط فيه القبض في المجلس , والصلح بمعنى البيع , والهبة بعوض على إحدى الروايتين , والإجارة في الذمة , نحو أن يقول أستأجرتك لتخيط لي هذا الثوب ونحوه , فهذا يثبت فيه الخيار , لأن الخيار ورد في البيع , وهذا في معناه. فأما الإجارة المعينة , فإن كانت مدتها من حين العقد , دخلها خيار المجلس دون خيار الشرط ; لأن دخوله يفضي إلى فوت بعض المنافع المعقود عليها , أو إلى استيفائها في مدة الخيار , وكلاهما لا يجوز. وهذا مذهب الشافعي. وذكره القاضي مرة مثل هذا , ومرة قال: يثبت فيها الخياران قياسا على البيع. وقد ذكرنا ما يقتضي الفرق بينهما. وأما الشفعة , فلا خيار فيها ; لأن المشتري يؤخذ منه المبيع قهرا , والشفيع يستقل بانتزاع المبيع من غير رضا صاحبه , فأشبه فسخ البيع بالرد بالعيب , ونحوه. ويحتمل أن يثبت للشفيع خيار المجلس ; لأنه قبل المبيع بثمنه , فأشبه المشتري. النوع الثاني , ما يشترط فيه القبض في المجلس , كالصرف , والسلم , وبيع مال الربا بجنسه , فلا يدخله خيار الشرط , رواية واحدة ; لأن موضوعها على أن لا يبقى بينها علقة بعد التفرق , بدليل اشتراط القبض , وثبوت الخيار يبقي بينهما علقة , ويثبت فيها خيار المجلس في الصحيح من المذهب ; لعموم الخبر , ولأن موضوعه للنظر في الحظ في المعاوضة , وهو موجود فيها. وعنه لا يثبت فيها الخيار إلحاقا بخيار الشرط. الضرب الثاني , لازم , لا يقصد به العوض , كالنكاح والخلع. فلا يثبت فيهما خيار ; لأن الخيار إنما يثبت لمعرفة الحظ في كون العوض جائزا , لما يذهب من ماله. والعوض هاهنا ليس هو المقصود , وكذلك الوقف والهبة , ولأن في ثبوت الخيار في النكاح ضررا ذكرناه قبل هذا. الضرب الثالث , لازم من أحد طرفيه دون الآخر , كالرهن , لازم في حق الراهن , جائز في حق المرتهن , فلا يثبت فيه خيار ; لأن المرتهن يستغني بالجواز في حقه عن ثبوت خيار آخر , والراهن يستغني بثبوت الخيار له إلى أن يقبض , وكذلك الضامن والكفيل , لا خيار لهما ; لأنهما دخلا متطوعين راضيين بالغبن , وكذلك المكاتب. الضرب الرابع , عقد جائز من الطرفين , كالشركة , والمضاربة , والجعالة , والوكالة , الوديعة , والوصية , فهذه لا يثبت فيها خيار , استغناء بجوازها , والتمكن من فسخها بأصل وضعها. الضرب الخامس , وهو متردد بين الجواز واللزوم , كالمساقاة , والمزارعة , والظاهر أنهما جائزان , فلا يدخلهما خيار. وقد قيل: هما لازمان , ففي ثبوت الخيار فيهما وجهان , والسبق والرمي , والظاهر أنهما جعالة , فلا يثبت فيهما خيار. وقيل: هما إجارة , وقد مضى ذكرها. الضرب السادس , لازم يستقل به أحد المتعاقدين , كالحوالة , والأخذ بالشفعة , فلا خيار فيهما ; لأن من لا يعتبر رضاه لا خيار له. وإذا لم يثبت في أحد طرفيه لم يثبت في الآخر , كسائر العقود. ويحتمل أن يثبت الخيار للمحيل والشفيع ; لأنها معاوضة يقصد فيها العوض , فأشبهت سائر البيع.
المغني (6/ 48_50)