تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحالة الأولى: أن يتركه المكلف على خلقة الله-عز وجل- فيرتفق به في حال يُبس حلقه أو يُبس فمه فيجريه على المألوف المعتاد المعروف وهذه الحالة لا إشكال فيها بإجماع العلماء أن اللعاب يعتبر غير مؤثر في الصيام ولو بلعه الإنسان؛ لأنه مما يشق التحرز عنه، ولذلك يمثل العلماء له بما يشق التحرز عنه في الصيام واغتفروا في حكمه اللعاب اليسير، الذي يكون من فضلة الطعام إذا شق عنه التحرز في الصلاة وهكذا ما يكون بين الأسنان في الصلاة، اغتفروه ووظر اللبن الذي يكون من دسامة مادة اللبن بين الأسنان اغتفروه في الصلاة، وأما في الصيام فقالوا: إنه إذا بزغ الفجر وانتهى وقت السحور فإنه يتمضمض إن بقيت مادة الطعام في فمه لأن اللعاب متصل بممنوع وهو وإن كان لعاباً في أصله لكنه خرج عن الأصل بامتزاجه مع المادة التي هي مادة الطعام، وعلى هذا قالوا: إن اللعاب في هذه الحالة يجب إزالته إما ببصاق أو بغسل الفم بالمضمضة، ولذلك ورد عنه-عليه الصلاة والسلام- تمضمضه قبل الصلاة من وظر اللبن ودسومته.

الحالة الثانية للريق: أن يجمعه فيبلعه وهو صائم فهذا الجمع للريق يعتبر متردداً بين أصلين، يحتاج تقرير هذين الأصلين إلى أمر مهم لابد من بيانه، حاصله أن فم الإنسان يعتبر من خارج الجسد ولا يعتبر من داخل الجسد.

وتوضيح ذلك: أنك في الصيام تحتاج أن تفرق بين خارج البدن وداخل البدن حتى تستطيع أن تفتي في مسائل الصيام، وهذا أمر مهم لطالب العلم وللعالم، ولا يستطيع أن يفتي في مسائل الفطر حتى يقرر ما هو الذي من خارج البدن وما هو الذي من داخله الذي إذا وصل إليه الغريب حكم بفطر الصائم بسبب ذلك، فالفم دلت الأدلة على أنه من خارج، إذا قلت: إنه من خارج فأي شيء يصل إليه من المفطرات لا يضر ولا يؤثر ما لم يتجاوز الحد المعتبر شرعاً وهي اللهاة، واللهاة هي اللحمة المتدلية عند بداية الحلق، فهي فاصل بين داخل البدن وبين خارج البدن، وخارج البدن هو الفم، فما كان دون اللهاة فهو من داخل، وبناءً على ذلك لو استقاء فخرج القيء إلى فمه ورد ولو يسيراً من القيء إلى جوفه ورده إلى ما وراء اللهاة فقد أفطر وهذا بإجماع العلماء أنه إذا رد مادة القيء إلى داخل البدن بعد وصولها إلى الفم أنه يفطر لأنه بمجرد وصولها إلى الفم خرجت عن البدن.

إذاً تثبت أن هناك داخل وخارج، الداخل ما دون اللهاة من جهة الجوف، والخارج ما قبل اللهاة من جهة الفم، على هذا فالريق إذا كان موجوداً في الفم فليس عندنا إشكال حتى ولو جمعه ثم أداره في فمه ثم بصقه، لا إشكال لأن الأمر كله في خارج البدن، لكن الإشكال لو جمع هذا الريق ثم ابتلعه بعد ذلك فهذا الفعل يتردد بين وجهين أحدهما يقتضي الحكم بالفطر والثاني يقتضي عدم الحكم بالفطر، فأما كونه مقتضياً للفطر فهم يقولون هذا اللعاب مادة متعلقة بخارج البدن، وكونها تنزل يسيراً يسيراً، وكون الإنسان يبلع ريقه يسيراً يسيراً قالوا: هذا على المعروف المألوف الذي يشق التحرز عنه، فرخص الشرع فيه، لكن كونه يجمع باختياره وقدرته وتمكنه ثم يبلع كما لو أفضل الجسم فضلة ثم بلعها، فهم يقولون اللعاب فضلة الجسم وهذا بالإجماع أنه فضلة من الجسم فكما أن فضلة الجسم (كالقيء) إذا خرجت إلى الفم ثم ردت أنه تفطر، قالوا: اللعاب إذا جُمِعَ خرج عن الرخصة، فالرخصة فيه أن يكون متحللاً لترطيب الفم لكن إذا جمعه فإنه يقصد ما يقصده الشارب أو يقصده من يريد بَلَّ حلقه، فخرج عن كونه مادة للفم إلى كونه مادة للحلق فأفطر من هذا الوجه، قالوا: أشبه ما لو إذا خرج القيء ثم رده إلى داخل البدن، والوجه الثاني الذي يقتضي أنه لا يفطر أن تقول: هذا اللعاب مادة تسامح الشرع فيها، والإجماع منعقد على أن اللعاب الذي في داخل البدن لو بلعه الإنسان قليلاً قليلاً أنه لا يفطر، فلا فرق عندي بين أن يبلعه دفعة واحدة وبين أن يبلعه شيئاً فشيئاً، إذاً عندك وجهان أحدهما يقتضي الحظر والحكم بالفطر والثاني يقتضي الإباحة وأنه لا يوجب فطر صاحبه، القاعدة عند بعض العلماء: " أنه إذا تردد الفعل أو القول بين مأذون به شرعاً وبين غير مأذون به شرعاً وهو المحرم - وأصبح بينهما فيه شبه من هذا وشبه من هذا - أنه يكره "، هذا ضابط للمكروه عند بعض العلماء، ولذلك مثلاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير