يمكن أن نقول: إن الإنسان يتذكر ألم الجوع والعطش في الآخرة.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[05 - 09 - 07, 03:12 ص]ـ
[الحديث الرابع عشر]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ, وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ, وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
[الفوائد]
استفدنا من هـ?ذا الحديث عدة فوائد:
أولا جواز الحديث عن ما يستحيا منه في إظهار الحق، يؤخذ من فعل عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها حيث تكلمت بأمر يستحيا منه، فإن المرأة تستحيي أن تتكلم بهذا لاسيما إذا كانت تريد نفسها كما تدل عليه الروايات الأخرى أنه يقبلها هي رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ لكن في بيان الحق لا ينبغي أن يستحيا الإنسان من أي شيء، ولهذا قالت أم سليم لما سألت الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة تحتلم قالت مقدمة لسؤالها: إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ والاستحياء من الحق لا يُمدح؛ بل يذم لأنه خور وجبن من الإنسان المستحيي.
وأنت أيضا إذا استحييت من الحق فمعناه أنك فوتّ القول بالحق أو فوتّ فعل الحق، وهـ?ذا خلاف الإيمان.
ومن فوائد الحديث جواز التقبيل للصائم، كيف ذلك؟ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبل وهو صائم.
فإن قلت: الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فالجواب أن هـ?ذا أورد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أورده عليه عمر بن أبي سلمة حين سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قبلة الصائم، فقال: ((سل هـ?ذه)) يعني أم سلمة، فأخبرته أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك. فقال: يا رسول الله إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فأخبر النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنه أعلم الناس بالله وأتقاهم لله وأخشاهم له. ()
إذن هـ?ذا الإيراد أجاب عنه الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، نقول: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ? [الأحزاب:21].
وهل يستحب أن يقبل وهو صائم أو يباشر وهو صائم؟ لا.
لكن بعض العلماء كابن حزم رحمه الله قال: إنه يستحب للإنسان أن يقبّل وهو صائم وأنه يؤجر على ذلك، وأن يباشر وهو صائم ويؤجر على ذلك. () ولكن هـ?ذا قول ضعيف جدا؛ لأن فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذا ليس على سبيل التقرب والتعبد؛ لكنه بمقتضى الجبلة والطبيعة، وما كان كذلك فإنه لا يقال: إنه مستحب؛ لكن فعله في الصيام يدل على الجواز.
نعم لو فُرض أن الإنسان فعله ليبين جوازه، فهـ?ذا قد يقال: إنه يؤجر، لا من أجل التقبيل والمباشرة، ولكن من أجل بيان السنة وتثبيتها؛ لأن الناس قد يقبلون السنة بالفعل أكثر مما يقبلونها بالقول.
رجل عنده ابنه مثلا وهو شاب وأبوه شيخ كبير، قبّل زوجته وأبوه يشهده، فأخذ عليه الخشبة يريد أن يضربه بها، هـ?ذا حرام والعياذ بالله كيف تقبل امرأتك، فأعاد مرة أخرى ليبين له الجواز، يؤجر بهـ?ذا؟ نعم ما دام يريد إظهار السنة فإنه يؤجر، ولا شك أن إظهار السنة لاسيما في مثل الأمر الذي يستعظمه العامة، وهو ليس بعظيم لاشك أن هـ?ذا من الأمور المطلوبة، أما أن نقول: إنه مستحب لذاته فهـ?ذا ليس بصواب بلا شك. ولا نقول: يطلب للصائم أن يقبل زوجته كما يطلب له أن يدعو الله ويذكر الله ويقرأ القرآن وما أشبه ذلك.
ونقول: أيضا فيه دليل على أنه لا فرق بين الشاب والشيخ، الدليل أننا نعلم أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كان مما حبب إليه النساء، وكان أعطي قوة ثلاثين رجلا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، ولاشك أنه يشتهي النساء، ومع ذلك يقبل وهو صائم، فلا فرق بين الشاب والشيخ، وأما ما رواه أبو داوود في التفريق بينهما فضعيف لا تقوم به حجة.
¥