ويستفاد من الحديث أن من لا يملك نفسه فلا يفعلن هـ?ذا الفعل، لقولها: (وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ) فمن لا يملك نفسه بمعنى أنه يخشى إن باشر أن لا يملك نفسه فيجامع، فإننا نقول: لا تفعل، من باب سد الذرائع، والناس يختلفون في قوة إيمانهم، وفي قوة مُلْك النفس، فإن بعض الناس قد يمنعه إيمانه من التجاوز من الحلال إلى? الحرام، وبعض الناس يمنعه أيضا ملكه نفسه وإن كان ليس قوي الإيمان لكنه رجل يملك نفسه تماما فيملك نفسه أن يفعل الشيء المحرم، على كل حال الناس يختلفون، فالإنسان الذي يخشى على نفسه الوقوع في المحرم، نقول: سد الذريعة على نفسك ولا تفعل، وسد الذرائع أمر جاءت به الشرائع، فإذا كان كذلك فلا تفعل. أما إذا كنت تملك نفسك فلا.
يستفاد من هـ?ذا الحديث كما استفاده بعضهم أنه لو أنزل لم يفسد صومه، وجه الدلالة قال: لأن المباشرة عند أكثر الناس سبب للإنزال، أكثر الناس لاسيما الشاب قوي الشهوة سريع الإنزال ما يملك نفسه بلا شك، بعض الناس إذا حدث امرأته ربما ينزل، والناس يختلفون في هـ?ذا، الطبائع يختلف الناس فيها.
فيرى بعض العلماء من هـ?ذا الحديث أو يستبين من هـ?ذا الحديث أن الإنزال بشهوة لا يفسد الصوم ولو مع المباشرة والتقبيل، وقال محتجا لقوله: إنكم تقولون إذا قبّل فقط أو باشر فقط بدون إنزال لم يفسد صومه، وإذا أنزل بدون تقبيل ولا مباشرة لم يفسد صومه، يعني كما لو فكر وأنزل فإنه لا يفسد صومه، فما الذي جعلهما مجتمعين يفسدان الصوم؟
إذن نقول: يرتفع الحكم في الإنزال بلا مباشرة بأنه حديث نفس وقد عفا الله عن حديث النفس، ويرتفع الحكم بالنسبة للمباشرة المجردة بهذا الحديث. هذا تقرير مذهبهم.
ونحن نقول: إذا أنزل بفعله فإن صومه يفسد؛ لأن قول عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها: (وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ) يشير إلى? هـ?ذا. هـ?ذه واحدة.
ثانيا لاشك أن الإنزال شهوة، وفي الحديث الصحيح في ثواب الصيام: ((قال الله عز وجل: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي))، () والمني شهوة، بدليل قول الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((وفي بُضع أحدكم صدقة))، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((نعم؛ أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) () والذي يوضع في الرحم هو المني، فهـ?ذا أيضا يدل على أن الإنزال بالمباشرة أو التقبيل يفطِّر؛ ونحن قد نلتزم بأنه بالتفكير يفطر الإنزال؛ لكن عندنا حديث: ((إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم)) () يعني لولا هـ?ذا الحديث لقلنا: لو أنزل بالتفكير أفطر.
ثالثا أن بعض العلماء حكى الإجماع على أن الإنزال بالمباشرة والتقبيل يفطر، ففي الحاوي - الشافعية- نقل الإجماع على أنه يفطر، والموفق في المغني قال: لا نعلم فيه خلافا. والمذاهب الأربعة كلها متفقة على أنه -أي الإنزال بالمباشرة والتقبيل- يفطّر. فالصواب عندي أن الإنزال بالمباشرة أو التقبيل أنه مفطِّر للصائم.
والجواب عما أورد سمعتموه.
هل الإمذاء يفطر؟
إذا أمذى بمباشرة أو تقبيل لا يفطر، بلا شك في هـ?ذا أنه لا يفطر خلافا للمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، فإن المشهور عند أصحابه أن الإمذاء بذلك مفطر. والصواب أنه لا يفطر؛ للفرق العظيم بينه وبين الإنزال، فإن بينهما فروق كثيرة، ولا يمكن إلحاق المذي بالمني، لا من حيث الحقيقة ولا من حيث الأثر على الجسم، ولا من حيث الأحكام المترتبة على ذلك، فالإمذاء لا يفطر.
فالحاصل أنه لدينا:
مباشرة وتقبيل بدون إنزال ولا مني لا يفسدان الصوم.
المباشرة والتقبيل بدون إنزال ولا مني لا يفسدان الصوم قولا واحدا في المذهب.
المباشرة أو التقبيل مع الإمذاء .. على المذهب يفسدان الصوم، والصحيح لا يفسدان الصوم.
مع الإنزال يفسدان الصوم على القول الصحيح، وهو إما إجماع أو على الأقل المخالف في ذلك نادر، فالصحيح أنه يفطِّر.
أن تكرار النظر حتى ينزل يفطِّر، لأن هـ?ذا فعل وفيه خلاف.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[06 - 09 - 07, 07:55 م]ـ
[الحديث الخامس عشر]
¥