تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ, وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.

[الفوائد]

فيستفاد من هـ?ذا الحديث عدة فوائد:

الأولى جواز الحجامة للمحرم لقوله: (اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ).

الثاني أنه يجوز أن يحلق من الشعر ما يحتاج إليه في الحجامة؛ لأنه من لازم ذلك، وجواز الملزوم يدل على جواز اللازم.

ثالثا أنه إذا حلق من رأسه مثل هـ?ذا القدر فليس فيه فدية، وبه نعرف ضعف قول من يقول: إن الإنسان إذا أخذ شعرة من رأسه واحدة فعليه طعام مسكين، فإن أخذ اثنتين فعليه طعام مسكينين، فإن أخذ ثلاث شعرات ففدية من صيام أو صدقة أو نسك. فهـ?ذا القول ضعيف، ولا يعد من أخذ ثلاث شعرات من رأسه لا يعد حالقا أبدا، والله عز وجل يقول: ?تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ? [البقرة:196]، والكلام على حلق الرأس أما أخذ شعرة أو شعرتين فهـ?ذا ليس فيه شيء.

فإن قلت: إن الذي أسقط الفدية هنا الحاجة إلى? أخذ الشعر، فالجواب: الحاجة لا تسقط الفدية لأن الله تعالى? قال: ?فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ? وهـ?ذه الصورة حاجة، ولهذا كان كعب بن عجرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حلق رأسه؛ لأنه جيء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والقمل يتناثر على وجهه من رأسه؛ لأنه كان مريضا، والمريض تكثر معه الأوساخ ويضعف منه البدن، وتكثر فيه القمل فقال له النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى)) ثم رخص له أن يحلق وأن يفدي بصيام أو صدقة أو نسك. ()

إذن نقول: إن الحاجة إلى? حلق هـ?ذا الجزء اليسير من الرأس من أجل الحجامة لا تسقط الفدية؛ لأنها لو وجبت ما أسقطتها الحاجة، بدليل حديث كعب بن عجرة.

وعلى هـ?ذا فنقول: إن أقرب الأقوال في هـ?ذا الباب -أي في حلق الشعر- أقرب الأقوال مذهب مالك رحمه الله أنه إذا حلق ما يزول به الأذى وجبت الفدية، وإن حلق دون ذلك فلا فدية عليه؛ لكن يحرم عليه أن يحلق إلا لحاجة.

وفي هـ?ذا الحديث أيضا دليل على جواز الحجامة للصائم لقوله: (احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ) وإلى هـ?ذا ذهب أكثر الفقهاء، أن الحجامة للصائم لا تفطّر؛ لأنها ليست أكلا ولا شربا، ولا جماعا، ولا بمعنى الأكل والشرب، وعلى هـ?ذا فلا تفطر والله عز وجل يقول: ?فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ? [البقرة:187].

فإن قلت: ألا يحتمل أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ احتجم وهو صائم ثم قضى؛ يعني أفطر ثم قضى؟

الجواب: نعم يحتمل لا شك، هـ?ذا الاحتمال وارد؛ لكن لو كان الأمر كذلك لنُقل، ثم إن مثل هـ?ذا السياق أنه سيق للاستدلال به على أن الصائم لا تؤثر عليه الحجامة، فيكون هـ?ذا الإيراد غير وارد، كما نقول في قوله: (اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ) أفلا يجوز أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فدى؟ يجوز؛ لكن الظاهر خلاف ذلك، إذ لو فدى لنقل.

إذن يؤخذ من هـ?ذا الحديث جواز الحجامة للصائم، وأنها لا تفطّره.

فإن قلت: أفلا يمكن أن يكون الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ احتاج إلى? الحجامة، ومعلوم أن الصائم إذا احتاج إلى? ألأكل والشرب بحيث يتضرر بفقدهما في أثناء النهار يجوز له أن يأكل ويشرب أو لا؟ يجوز، فيمكن للرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لكونه يحتجم كثيرا يمكن أن يحتاج إلى? الحجامة في ذلك اليوم فاحتجم.

فالجواب أن نقول: ليس الكلام في جواز الحجامة من عدمها، نحن نقول: ما احتجم إلا والحجامة جائزة له، إما لكونها جائزة للصائم مطلقا وإما لكونها جائزة عند الحاجة، وليس كلامنا في هـ?ذا، الكلام هل تفطر أو لا؟

فظاهر الحديث أنها لا تفطر؛ لأنها لو كانت تفطر لنقل عنه أنه قضى هـ?ذا الصوم، وأنه أفطر ذلك اليوم، ثم قال:

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[06 - 09 - 07, 07:59 م]ـ

[الحديث السادس عشر]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير