من فوائد هـ?ذا الحديث السؤال عن المجمل، سؤال المفتي عن المجمل، يؤخذ من قوله: (وَمَا أَهْلَكَكَ؟) لما قال: (هَلَكْتُ).
ومن فوائده أيضا إثبات رسالة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لقوله: (يَا رَسُولَ اَللَّهِ) فأقرّه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن فوائده أيضا أنه تنبغي الكناية عما يستحيا منه، لقوله: (وَقَعْتُ عَلَى اِمْرَأَتِي) ولم يقل: جامعت.
من فوائد الحديث الاستفهام عن الشيء مَرتبة مرتبة إذا كان له مراتب؛ لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: هل تجد كذا؟ هل تجد كذا؟ هل تجد كذا؟ دل هـ?ذا على أن المفتي ينبغي أن يسأل عن مراتب الشيء أولا بأول إذا كان له مراتب.
ومن فوائده أيضا أنه لا يجزئ الجمع بين خصلتين من خصال الكفارة، كما لو أعتق نصف عبد، وأطعم ثلاثين مسكينا، أو صام شهرا، لقوله: (رَقَبَةً)، وقوله: (شَهْرَيْنِ)، وقوله: (سِتِّينَ مِسْكِينًا).
ومن فوائد الحديث أنّ كفارة الجماع في نهار رمضان على الترتيب؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينتقل عن خصلة إلا حين قال الرجل: إنه لا يستطيع أو لا يجد.
ومنها فضيلة العتق؛ لأنه بدأ به أولا، ولأنه كفارة عن هـ?ذا الذنب العظيم.
ومنها إثبات الرّق شرعا، لقوله: (هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً)، فإذن الرق ثابت.
ومنها جواز قول الإنسان لذي الشرف والمنزلة العظيمة لا، دون أن يلجأ إلى? قوله: سلامتك. فلا بأس أن تقول للإنسان ولو كان كبيرا في المرتبة أن تقول: لا.
ومنها أيضا صحة الاكتفاء بالجواب بما يدل عليه، لقوله: (لا)، فإن كلمة (لا) تتضمن جملة السؤال، ولهذا يقال: إنّ السّؤال معاد في الجواب.
ومن فوائد الحديث أن الإنسان مؤتمن على عباداته، يؤخذ من اكتفاء الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بجواب هـ?ذا الرجل، بقوله: (لا)، لم يقل: هات بينة أنك لا تجد، ولما قال: لا أستطيع الصوم. قال إنك امرئ شاب أو ما أشبه ذلك تطيق، فالإنسان مؤتمن على عباداته.
ولهذا قال العلماء: إن الرجل يصدق إذا قال: إني صليت. أو قال: إني أديت الزكاة. أو قال: إني صمت. أو قال: إني كَفَّرت .. أو ما أشبه ذلك، ويصدق بلا يمين؛ لأنه مؤتمن على عباداته.
اللهم إلا فيما كان فيه حق للآدمي كالزكاة، فإنه قد يتوجب إلزامه بدليل أحيانا إذا اتهمه قاضي أو اشتبه في أمره. أما الحق الخاص لله المحض فهـ?ذا لا يحلف عليه الإنسان؛ لأنه مؤتمن على دينه فيما بينه وبين ربه.
ومن فوائد الحديث اشتراط التتابع في صيام الشهرين، لقوله: (مُتَتَابِعَيْنِ) فلو أفطر بينهما يوما واحدا أعاد من جديد، حتى وإن لم يبق إلا آخر يوم فإنه يعيد من جديد.
ولكن لو أفطر لعذر كمرض وسفر وما أشبهه، فهل يقطع التتابع؟ لا، لماذا؟ لعموم قوله تعالى?: ?فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? [التغابن:16]، وهـ?ذا ملتزم بتقوى الله عز وجل وأن يصوم شهرين متتابعين لكن حصل له مانع.
ماذا تقولون، لو سافر ليفطر؟ ينقطع التتابع أو لا؟ نعم ينقطع التتابع، إذا أفطر ينقطع التتابع؛ لأن هـ?ذا حيلة على إسقاط ما أوجب الله عليه.
ومن فوائد الحديث أن المعتبر الشهور لا الأيام، لقوله: (شَهْرَيْنِ)، والشهر كما قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((يكون هكذا وهكذا وهكذا، ويكون هكذا وهكذا وهكذا)) وقبض الإبهام يعني أن يكون تسعة وعشرين، () ولهذا فإذا ابتدأ الصوم في اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول ينتهي في اليوم السادس عشر من شهر جمادى الأولى، حتى وإن شهر ربيع الأول ناقصا وشهر ربيع الثاني ناقصا فيصوم ثمانية وخمسين يوما.
ومن فوائد الحديث أنه لابد من إطعام ستين مسكينا، لا إطعام طعام ستين مسكينا، بينهما فرق. إذا قلنا: إطعام طعام ستين مسكينا. صار معناه أن يجمع ما يكفي ستين مسكينا ويعطيه ولو مسكينا واحدا، وهـ?ذا لا يجوز بل لابد من إطعام ستين مسكينا لقوله هنا: (فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا).
ومنها أننا إذا رجعنا إلى? البدل أخذنا بكمال المبدل منه، يؤخذ من (سِتِّينَ مِسْكِينًا) ولم نقل: إطعام ما يقابل شهرين متتابعين؛ لأنه في الصيام نقول: أنت وما يكون الشهران؛ لكن في الإطعام تطعم ستين مسكينا عن ستين يوما؛ لأن الله جعل على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين.
¥