[العطاء الربانى قد يكون اكراما وقد يكون استدراجا هل فكرت فى الفرق بينهما؟]
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[22 - 11 - 07, 12:08 م]ـ
اعلم ان من اراد شيئا فأعطاه الله مراده لم يدل ذلك على كون ذلك العبد وجيها عند الله تعالى سواء كانت العطية على وفق العادة او لم تكن على وفق العادة
فالعطاء قد يكون اكراما للعبد وقد يكون استدراجا له
ولهذا الاستدراج اسماء كثيرة فى القرآن
احدها الاستدراج
قال تعالى سنستدرجهم من حيث لايعلمون
ومعنى الاستدراج ان يعطيه الله كل مايريد فى الدنيا ليزداد غيه وضلاله وجهله وعناده فيزداد كل يوم بعدا عن الله تعالى ومعلوم ان الاشتغال بهذه اللذات العاجلة مانع عن مقامات المكاشفات ودرجات المعارف فلا جرم يزداد بعده عن الله درجة فدرجة الى ان يتكامل فهذا هو الاستدراج
ثانيها المكر
قال تعالى فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون
وقال سبحانه ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لايشعرون
ثالثها الكيد
قال تعالى يخادعون الله وهو خادعهم
رابعها الإملاء
قال تعالى ولايحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم خيراًلانفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثماً
0000 فظهر بهذه الآيات ان الايصال الى المرادات لايدل على كمال الدرجات والفوز بالخيرات
0000 الفرق بين الكرامة والإستدراج 000
صاحب الكرامة لايستانس بتلك الكرامة بل عند ظهور الكرامة يصير خوفه من الله تعالى اشد وحذره من قهر الله اقوى فانه يخاف ان يكون ذلك من باب الاستدراج
0000 واما صاحب الاستدراج فانه يستأنس بذلك الذى يظهر عليه ويظن انه نال تلك الكرامة لانه كان مستحقا لها وحينئذ يستحقر غيره ويتكبر عليه ويحصل له امن من مكر الله وعقابه ولايخاف سوء العاقبة فاذا ظهر شىء من هذه الاحوال دل هذا على ان العطاء كان استدراجا لاكرامة
والذى يدل على ان الاستاناس بالكرامة قاطع عن الطريق الى الله وجوه نذكر منها
1 ان هذا الغرور انما يحصل اذا اعتقد المرء انه مستحق لهذه الكرامة واهل لها فهذا عين الجهل لانه قد اتفق على انه لاحق لاحد من الخلق على الحق سبحانه فكيف يحصل ظن الاستحقاق
2 ان من اعتقد فى نفسه انه صار مستحقا للكرامة بسبب عمله حصل لعمله وقع عظيم فى قلبه ومن لعمله وقع عظيم فى قلبه كان جاهلا ولو عرف ربه لعلم ان طاعات الخلق كلهم فى جنب جلال الله تقصير وشكرهم فى جنب آلائه قصور
3 ان صاحب الكرامة انما وجد الكرامة لاظهار الذل والتواضع فى حضرة الله تعالى فاذا ترفع وتجبر بسبب تلك الكرامة كان جاهلا مردودا
4 ظاهر الكرامة فى حق ابليس وبلعام وعلماء السوء كان عظيما ولكنهم ماوقعوا فى الظلمات الا انهم فرحوا بما اوتوا من العلم والزهد فدفعهم الى مانقل عنهم
5 الافتخار بالنفس وتزكيتها من صفات ابليس فمن المهلكات اعجاب المرء بنفسه
والله تعالى اعلم
انظر تفسير ال
سورة الكهف من آية 9 الى 12