تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حدَّث بعض الفضلاء يقول ذات يوم أصابني هم عظيم ومرض عندي بعض الأهل حتى رأيت أنهم كادوا يشفقوا على الموت فذهب هذا يحضر الطبيب فتذكرت رجلاً كان من أبرع الناس في علاج هذا المرض، والرجل من المدينة يقول شاء الله - U- وأنا خارج فلما ركبت سيارتي سمعت قول الله عز وجل يقول فتحت المسجل فإذا به يقول: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً} (2) وهذا من الفأل فعظم الله في قلبه ويقول سبحان الله أذهب إلى مخلوق والله كفى به ولياً وكفى به نصيراً فذهب من ساعته إلى الحرم، قال فدخلت فصليت ركعتين وسألت الله أن يدفع عن والدتي وأن يشفيها وأن يعافيها، يقول والله دخلت المسجد وأنا في هم وغم وكرب لا يعلمه إلى الله ووالله ما انفتلت من ركعتي وقمت من مصلاي إلا وأنا مجبور القلب مجبور الكسر مطمئن النفس مرتاحاً واثقاً بالله سبحانه وتعالى، قال فلما رجعت البيت وإذا بالوالدة من أحسن ما يكون والله لم أحضر لها طبيب ولا جاءها مسعف وإنما شيء من الله، ما الذي جرى؟ قال الله أعلم كانت مريضة وتعبت وجاءها الحالة التي تأتيها وحتى كادوا يخافون عليها أنها تموت؛ ولكن الله عز وجل تدراكها بلطفه ما الذي جرى قالوا لاندري.

من يصدق مع الله يصدق الله معه، وليس معنى هذا أن نترك الأسباب، ولكن نأخذ بالأسباب ولكن لا نجعلها أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ومن توكل على الله كان الله، له فالواجب على المسلم إذا جاءته المشاغل والشواغل أن يتوكل على الله عز وجل ونحن نذكر هذه القصص والعبر؛ لأن الله عز وجل جعلها أمثلة تزيد من إيمان العبد حتى ولو كان الإنسان في شواغل الدنيا هذا مريض انظروا كيف يفرج الله عنه، وهذا رجل مستعجل بجامعته ودراسته فإذا بالله سبحانه وتعالى ينقذه من الموت فلو أنه في مكانه ما أدرك جامعته ولا أدرك دراسته، لكن الله عز وجل يهيئ أسبابه يولي العبد فيها بركة الطاعة وحسن عاقبته، حتى ولو جاءتك المشاغل من الدنيا.

ومن عجيب ما ذكره بعض المشائخ يقول ذات مرة دعيت إلى رجل في قضية شبهة في المال، وكان رجلاً ثرياً غنياً -يعني من أكثر الناس مالاً- قال فحضرت قبل صلاة العصر وكان الرجل يشتبه في بعض معاونيه أنه اختلس من ماله، قال فجلسنا نتابع حساباته وكشوفاته والأمر خطير ودقيق فيه أموال كثيرة فيحتاج إلى شيء من الضبط والتحري والإتقان، قال فجلست معه من بعد صلاة العصر حتى أذن المغرب فلما أذن المغرب وإذا به رجل ثري وفي نعمة وفي عز من حال الدنيا قال فقلت له الصلاة، قال أي صلاة -نسأل الله السلامة والعافية-هذا أهم قال له يا أخي اتق الله الصلاة التي هي ركن دينك اتق الله عز وجل، قال يا أخي اعذرني أنا في هم وغم وذكر له المشكلة التي يعيشها، قال له بإذن الله إذا صليت فالله عز وجل يفرج عنك ما أنت فيه، قال فشاء الله عز وجل أن يشرح صدره والله الذي لا إله إلا هو يقول قام معي إلى مكان الوضوء لا يعرف كيف يتوضأ وإذا به رجل غني ثري لا يعرف كيف يتوضأ للصلاة -نسأل الله السلامة والعافية-قال فعلمته الوضوء -نسأل الله العظيم أن لا يبتلينا ولايبتلي ذراياتنا- أعطاه الله الدنيا فصرف عنه الدين حينما كان على هذه الحالة وبئس الحال، قال فتوضأ قلت له ماتعرف كيف تتوضأ؟ ‍؟ قال نعم قال له يا أخي أنت اغتسلت من الجنابة ضحك وقال نعم اغتسلت لكن وضوء ما أعرف، قال فأمرته أن يتوضأ وبعد أن توضأ دخل معه المسجد فلما صلى المغرب صلينا المغرب وجلسنا نذكر الله عز وجل، قال قلت له الآن نمضي قال لا قال الآن نريد نمضي قال انتظر قليلاً يقول انتظرت قليلاً ثم بعد قليل قلت بسم الله قال لا انتظر قليلاً يقول مازال يقول انتظر قليلاً كأني وجدت الرجل وإذا بوجه غير الوجه الذي دخل به وحاله غير الحال الذي كان به دخل به أي والله الذي لا إله إلا هو، وهو شيخ من مشائخ، أحد أئمة المساجد ومن طلاب العلم الفضلاء، يقول وإذا بالرجل انقلب على حالة غير الحالة التي كان عليها فقلت له ما بك، قال يا شيخ أجد حلاوة ولذة ما وجدتها في عمري كله هذه الطمأنينة التي وجدها بعد الصلاة يقول ما وجدها في حياته كلها، الرجل غني ثري في نعمة من الدنيا لكنه لم يجد ما يملأ قلبه من الإيمان بالله سبحانه وتعالى وطاعته وعبادته، قال فلما رأيته في هذه الحالة والله ما خرج من المسجد حتى أذن العشاء فصلى العشاء ولمّا صلى العشاء مكث حتى لما جاء الرجل يريد أن يطفئ المسجد استحيا منه من هيبته ومكانته، قال فانصرف الرجل فلما انصرف الرجل قال اتركني، قال أردت أن أتم الحساب قال اتركني قال ففوجئت في اليوم الثاني في الصباح وإذا بزوجته تتصل علي، قالت ياشيخ أنتم فعلتم بزوجي شيئاً -يعني ذهب ظنها بعيداً- قال ما به، قالت من الأمس وهو يصلي ويبكي ويذكر الله عز وجل تغير الرجل تماماً، وإذا بي أقول سبحان الله العظيم ولما جئته في الضحى في اليوم التالي ما أخذنا إلا نصف ساعة وانتهى كل شيء وإذا بتلك الأخطاء التي يريدها تنكشف وينحل الموضوع، وإذا بالرجل في سعادة يقول أنا لا يهمني هذه الملايين التي اكتشفتها والخطأ لا يهمني الذي يهمني أنني وجدت الشيء الذي كنت أفقده وجدت السعادة التي كنت أبحث عنها.

والله سبحانه وتعالى إذا تكفل المنبغي للإنسان أن يعلم أن الله عز وجل خلقه لطاعته وذكره وشكره وحسن عبادته فإذا كانت الآخرة أكبر همة ومبلغ علمه وغاية رغبته وسؤله صرف الله قلبه عن الدنيا ومما جاءه من مشاغلها وشواغلها فإن الله يكفيه همه- نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل الآخرة أكبر همنا ومبلغ علمنا وغاية رغبتنا وسؤلنا-، والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير