تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 ـ كون الشريعة الإسلامية وضعت طرقاً لمعالجة الخلافات التي تقع بين الزوجين، وأرشدت المسلمين إلى التدخل من أجل الصلح بينهما في قوله سبحانه: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) النساء:35· وجعلت لحل عقدة الزوجية ـ عندما لا تؤثر في حل نزاع الزوجين إرشادات النصح ـ ألفاظاً خاصة صريحة في الدلالة على الفرقة· فهل يعقل أن تضرب كل هذه الوسائل عرض الحائط ويحكم بوقوع طلاق لمجرد نطق الزوج بألفاظ جرت عادة الناس أن يحسبوها أيماناً فيوقعون بها الطلاق مع أنه تلفظ بها لبيان صدقه في خبر، أو لتأكيد حاجته عند غيره، أو لترويج سلعة يبيعها؟ ·

هذا ما انتقده غير واحد من الفقهاء المعاصرين منهم الشيخ محمد عبده بقوله: (42) · وأوضح الشيخ محمود شلتوت أنه (43) ·

3 ـ ثم إن الذي شرعه الله في باب الأيمان هو تخفيفها بالكفارة لا تثقيلها بالإلزام بها، وذلك في قوله سبحانه: (لايؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة· فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) المائدة:89· فإن فيه بيان العلاج لمن حنث في يمينه· وهو تخفيف من الله تعالى ورحمة منه عزَّ وجلَّ· ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جواز ترك عمل يحلف المرء أن يقوم به إذا رأى غيره خيراً منه فقال صلى الله عليه وسلم: (44) · وأي شيء أضر بالمرء أكثر من إلزامه بطلاق زوجته إذا حنث وهو لا يقصده؟ مع أن العلاج عند الحنث هو الكفارة التي بيَّنها الله تعالى في كتابه؟ ·

4 ـ إن الحكم بلزوم الطلاق بأيمان الطلاق جعل الناس يقعون في مخالفات شرعية يعود ضررها عليهم وعلى المجتمع ككل باحتيالهم في نقضها بأنواع من الحيل يبتغون بها أن تعود المرأة إلى زوجها· وقد ذكر ابن تيمية في فتاواه خمسة أنواع من المفاسد يقع فيها الناس بسبب إلزامهم بالطلاق عند الحنث ترمي بمجموعها إلى إبطال حكمة الشريعة من تشريع الطلاق وإبطال حقائق الأيمان المودعة في آيات الله تعالى· ومن هذه الحيل مما لم يذكره ابن تيمية ما ورد في : (46) ·

الهوامش

1 ـ انظر الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ج3/ 324· وانظر مصنف عبدالرزاق: ج6/ 379 ـ 382، فإن فيه مزيد بيان لأمثلتها·

2 ـ انظر المدونة الكبرى: ج3/ 2، وقال نحو هذا الكاساني·

3 ـ بدائع الصنائع للكاساني: ج3/ 4·

4 ـ المدونة الكبرى للإمام مالك برواية سحنون: ج3/ 4·

5 ـ المغني لابن قدامة: ج7/ 410·

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير