تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما نزل قبل تقرير الحكم:

ومثاله قوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد. وأنت حل بهذا البلد} والسورة مكية.

وقد فسرها جماعة من السلف بالحل الذي وقع للنبي r عام الفتح. وقوله تعالى: [سيهزم الجمع ويولون الدبر] فقد فسرت بيوم بدر مع أن السورة مكية. وقوله تعالى: [وآخرون يقاتلون في سبيل الله] فالسورة مكية وليس ثمة قتال يومئذٍ. وإنما شرع القتال بعد الهجرة في المدينة.

ما نزل بعد تقرير الحكم:

مثاله آية الوضوء. أخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله r في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لي ..... فقام رسول الله حين أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم , فتيمموا ... الحديث. والآية ذكر فيها الوضوء مع التيمم علماً أن الوضوء مشروع قبل ذلك.

قال ابن عبد البر: والحكمة في نزول آية الوضوء ــ مع تقدم العمل به ــ ليكون فرضه متلواً بالتنزيل أ. هـ التمهيد (19/ 279).

ومثال آخر على ما نزل بعد تقرير الحكم , آية الجمعة وهي قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ...... ] وهي مدنية مع أن الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة بدليل حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك عند ابن ماجه بإسناد صححه الألباني.

قاعدة:

الأصل عدم تكرر النزول.

توضيح: ما دلت عليه القاعدة هو الأصل. إلا أنه قد يخرج عن هذا الأصل فيتم الحكم بتعدد أسباب النزول إذا كانت ثابتة سنداً , صريحه دلالةً , مع تباعد الفترة بينهما. وهذا القول خير من القول بالترجيح بين الروايات لأنه الجمع ما أمكن مقدم على الترجيح. وتكرار النزول أمر لا غرابة فيه فقد يكون ذلك من باب تأكيد الحكم أو بيان أنه الواقعة الجديدة داخلة تحت حكم الآية أو من باب التذكير.

تطبيق: قال تعالى: [ويسألونك عن الروح ...... ] الآية. أخرج الشيخان من حديث ابن مسعود t قال: كنت أمشي مع النبي r في حرثٍ بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب , فمر بنفر من اليهود , فقال بعضهم: لو سألتموه؟ فقال بعضهم: لا تسألوه. فإنه يسمعكم ما تكرهون. فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن الروح. فقام النبي r ساعة. ورفع رأسه إلى السماء , فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال: [الروح من أمر ربي]. هذا الحديث كان في المدينة. وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس y , قال: قالت قريش ليهود: أعطونا شيئاً نسأل هذا الرجل. فقالوا: سلوه عن الروح فسألوه عن الروح فأنزل الله تعالى: [يسألونك عن الروح] الآية. قال ابن كثير معلقاً على حديث ابن مسعود في التفسير (3/ 60): وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية , وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك. وقال ابن حجر في فتح الباري (8/ 401): ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول , بحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك.

قاعدة:

قد يكون سبب النزول واحداً , والآيات النازلة متفرقة , والعكس.

تطبيق:

مثال لما اتحد سببه وتعددت الآيات النازلة فيه:

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: يُذكر الرجال ولا يُذكر النساء فأنزل الله عز وجل: [إن المسلمين والمسلمات ....... ] الآية. وأنزل: [إني لا أضيع عمل عاملٍ منكم ...... ] الآية. أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وأصله عند الترمذي. وذكره الألباني في صحيح سنن الترمذي.

مثال لما تعددت أسبابه والنازل فيه واحد:

أخرج البخاري قصة عويمر العجلاني عندما وجد رجلا مع امرأته وفي نهاية الحديث قال له الرسول r: قد أنزل الله القرآن فيك وفي حاجتك [والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم .... ] الآيات. ثم أخرج البخاري أيضاً قصة هلال بن أمية عندما قذف امرأته بشريك بن سحماء. وفي نهاية الحديث نزل جبريل وأنزل عليه: [والذين يرمون أزواجهم .... ].

قاعدة:

إذا تعددت المرويات في سبب النزول ننظر إلى الثبوت فنقتصر على الصحيح , ثم ننظر إلى الدلالة فنقتصر على الصريح , فإذا تقارب الزمان حُمل على الجميع , وإذا تباعد حكم بتكرار النزول.

توضيح:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير