قَالَ النَّوَوِيّ فِي " شَرْح مُسْلِم ": وَسَبَب هَذَا التَّحْرِيم أَنَّ لِلزَّوْجِ حَقّ الِاسْتِمْتَاع بِهَا فِي كُلّ وَقْت , وَحَقّه وَاجِب عَلَى الْفَوْر فَلَا يَفُوتهُ بِالتَّطَوُّعِ وَلَا بِوَاجِبٍ عَلَى التَّرَاخِي , وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهَا الصَّوْم بِغَيْرِ إِذْنه وَإِذَا أَرَادَ الِاسْتِمْتَاع بِهَا جَازَ وَيُفْسِد صَوْمهَا لِأَنَّ الْعَادَة أَنَّ الْمُسْلِم يَهَاب اِنْتَهَاك الصَّوْم بِالْإِفْسَادِ , وَلَا شَكّ أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ خِلَاف ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَثْبُت دَلِيل كَرَاهَته , نَعَمْ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَمَفْهُوم الْحَدِيث فِي تَقْيِيده بِالشَّاهِدِ يَقْتَضِي جَوَاز التَّطَوُّع لَهَا إِذَا كَانَ زَوْجهَا مُسَافِرًا , فَلَوْ صَامَتْ وَقَدِمَ فِي أَثْنَاء الصِّيَام فَلَهُ إِفْسَاد صَوْمهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْر كَرَاهَة , وَفِي مَعْنَى الْغَيْبَة أَنْ يَكُون مَرِيضًا بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيع الْجِمَاع ...... وَفِي الْحَدِيث أَنَّ حَقّ الزَّوْج آكَد عَلَى الْمَرْأَة مِنْ التَّطَوُّع بِالْخَيْرِ , لِأَنَّ حَقّه وَاجِب وَالْقِيَام بِالْوَاجِبِ مُقَدَّم عَلَى الْقِيَام بِالتَّطَوُّعِ.أ. هـ
ولو صامت المرأة بغير إذن زوجها صحّ مع الحرمة عند جمهور الفقهاء،
لأنّ حقّ الزّوج فرض، فلا يجوز تركه لنفل.
وإذا صامت الزّوجة تطوّعاً بغير إذن زوجها فله أن يفطّرها، وخصّ المالكيّة جواز تفطيرها بالجماع فقط، أمّا بالأكل والشّرب فليس له ذلك، لأنّ احتياجه إليها الموجب لتفطيرها إنّما هو من جهة الوطء.
س: ماذا على من دُعى الى طعام وهو صائم؟
الجواب:
أخرج البخاري عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِ الْعُرْسِ وَهُوَ صَائِمٌ ". [البخاري - كتاب النكاح - باب إجابة الداعى فى العرس وغيره]
قال ابن حجر فى الشرح:
قوله:" إِذَا دُعِيَ أَحَدكُمْ إِلَى وَلِيمَة عُرْس فَلْيُجِبْ " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم بِلَفْظِ " إِذَا دَعَا أَحَدكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوه " وَلِمُسْلِمٍ أيضا بِلَفْظِ " مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْس أَوْ نَحْوه فَلْيُجِبْ " ...... وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيث بَعْض الشَّافِعِيَّة فَقَالَ بِوُجُوبِ الْإِجَابَة إِلَى الدَّعْوَة مُطْلَقًا عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْره بِشَرْطِهِ ; وَزَعَمَ اِبْن حَزْم أَنَّهُ قَوْل جُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَيُعَكِّر عَلَيْهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ مِنْ مَشَاهِير الصَّحَابَة أَنَّهُ قَالَ فِي وَلِيمَة الْخِتَان لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهَا ,
وَجَزَمَ بِعَدَمِ الْوُجُوب فِي غَيْر وَلِيمَة النِّكَاح الْمَالِكِيَّة وَالْحَنَفِيَّة وَالْحَنَابِلَة وَجُمْهُور الشَّافِعِيَّة ; وَلَفْظ الشَّافِعِيّ: إِتْيَان دَعْوَة الْوَلِيمَة حَقّ , وَالْوَلِيمَة الَّتِي تُعْرَف وَلِيمَة الْعُرْس , وَكُلّ دَعْوَة دُعِيَ إِلَيْهَا رَجُل وَلِيمَة فَلَا أُرَخِّص لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهَا , وَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَتَبَيَّن أَنَّهُ عَاصٍ فِي تَرْكهَا كَمَا تَبَيَّنَ لِي فِي وَلِيمَة الْعُرْس.
وَوَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ " فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ , وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ " ...... وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " بَاب حَقّ إِجَابَة الْوَلِيمَة " أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب لَمَّا حَضَرَ الْوَلِيمَة وَهُوَ صَائِم أَثْنَى وَدَعَا " ........ وَعِنْد أَبِي عَوَانَة: " كَانَ اِبْن عُمَر إِذَا دُعِيَ آجَابَ , فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا أَكَلَ , وَإِنْ كَانَ صَائِمًا دَعَا لَهُمْ وَبَرَّكَ ثُمَّ اِنْصَرَفَ ".
¥