تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

8 - وقيل: الخشوع أن لا يعبث بشيء من جسده في الصلاة، وروي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبصر رجلًا يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.

9 - وقيل: الخشوع في الصلاة: هو جمع الهمّة والإعراض عما سواها، والتدبر فيما يجري على لسانه من القراءة والذكر.

قلت: وكل هذه الأقوال صحيحة، وهي داخلة في معنى الخشوع، والخشوع أعم منها؛ إذ الخشوع خشوعان:

1 - خشوع القلب بجمع الهمّة وحضور القلب، والتدبر لما يجري على اللسان من القراءة والذكر، ولما تسمعه الأذن من قراءة إمامه.

2 - وخشوع الجوارح بسكونها وعدم العبث والالتفات إلى غير مقصود الصلاة.

وبعد معرفة معنى الخشوع في الصلاة. فلو نظرنا في واقعنا، وأمعنا النظر لوجدنا الكثير من المصلين لا يخشع في صلاته، بل غفل عن المعنى المقصود من الصلاة، وقد استولت الغفلة والخواطر والوساوس وحديث النفس والشكوك على الكثير منهم، فيدخل في صلاته ويخرج منها، وما يدري كم صلى، ولا كيف صلى، ولا ماذا قرأ إمامه، فلا يتدبر القراءة، ولا يستحضر عظمة الله -تعالى-، ولا يستجمع همّته عند ذكر، أو تسبيح، أو تشهّد، أو قراءة، وكثر العبث من كثير من المصلين في صلاتهم حتى كأنه ليس في الصلاة، فمنهم من يعبث بلحيته، ومنهم من يدخل أصابعه في خيشومه، ومنهم من يفرقع بأصابعه، ومنهم من يتمايل من جنب إلى جنب، ومنهم من يتثاءب ولا يكظم بل يخرج صوتًا منكرًا، ومنهم من يعبث بساعته، ومنهم من يتشاغل بتعديل عباءته ومشلحه أو ثوبه، ويتكرر ذلك منه بلا حاجة.

وكل هذه الأفعال تدل على أن هذا المصلي قد التفت قلبه عن الله -تعالى-، وأن جسمه موجود مع المصلين، ولكن قلبه يجول في كل واد، وهذا يدل على فقدان الخشوع في الغالب، وهذا مصداق ما ورد في الحديث: أن أول ما يفقد من هذه الأمة: الخشوع، حتى لا تكاد ترى خاشعا.

والخشوع -يا أخي المسلم- هو لب الصلاة وروحها، والصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح؛ لذلك ينبغي للرجل إذا أقبل إلى المسجد يريد الصلاة أن يقبل بخوف ووجل وخشوع وخضوع، وأن يكون عليه السكينة والوقار، فما أدرك صلى، وما فاته قضى، ولا بأس أن يسرع قليلًا إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى.

وإذا دخل في الصلاة فليحذر من الالتفات، وإذا سجد فليضع أصابعه -يديه- حذو أذنيه، ويضم أصابعه، ويوجهها نحو القبلة، ويرفع مرفقيه وساعديه ولا يلزقهما بجنبيه، فقد ورد: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سجد، لو مرت بُهيمة من تحت ذراعيه لنفذت وذلك لشدة مبالغته في رفع مرفقيه وضبعيه.

منقول من موقع الشيخ حفظه الله

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير