2 - رواية الحديث عن حماد على أوجه مختلفة وهي أربعة - كما تقدم في التخريج.
3 - خطأ حماد في الإسناد الآخر، وهو روايته عن عمار بن أبي عمار، قال أبو حاتم:
" أما حديث عمار فعن أبي هريرة موقوف، وعمار ثقة " ا هـ.
فهذه إشارة من أبي حاتم إلى وهم حماد في رفعه - والله أعلم - ويؤيد هذا أن حماداً قد اختلف عليه - كما تقدم - فكأنه لم يضبط هذا الحديث.
وأما قول شعبة: كان حماد يفيدني عن عمار بن أبي عمار، وقول ابن المديني: هو أعلم الناس بثابت، وعمار بن أبي عمار - كما في السير 7/ 445،446 - فلا ينافى ما ذهب إليه أبو حاتم من تعليل الوجه المرفوع، إذ يحمل ثناء شعبة وابن المديني عليه على العموم، وكلام أبي حاتم مستثنى من هذا العموم ليتم الجمع بين أقوال الأئمة ما دام ذلك ممكناً.
هذا، وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ومنهم:
1 - جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
أخرجه أحمد 3/ 348 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن الرجل يريد الصيام، والإناء على يده ليشرب منه، فيسمع النداء؟ قال جابر: كنا نتحدث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ليشرب ".
وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن الهيعة، وقد تقدم الكلام عليه مراراً، ولم أقف على من تابعه.
2 - بلال بن رباح رضي الله عنه:
أخرجه أحمد 6/ 12 وغيره من طريق أبي إسحاق السبيعي،عن عبد الله بن معقل المزني، وفي 6/ 13 من طريق شداد مولى عياض بن عامر، كلاهما (عبد الله، وشداد) عن بلال ـ رضي الله عنه - " أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤذنه بالصلاة، فوجده يتسحر في مسجد بيته " هذا لفظ حديث شداد.
وإسنادا الإمام أحمد فيهما ضعف، أما الطريق الأول، ففيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس، ولم أقف له على طريق صرّح بالسماع، وأيضاً فلم أقف على ما يبين إداراك عبد الله بن معقل لبلال.
وأما الطريق الثاني فهو منقطع، لأن شداداً لم يدرك بلالاً، كما قال أبو داود وغيره،وهو أيضاً لا يعرف، كما نقله ابن حجر عن الذهبي في تهذيب التهذيب 4/ 291.
ولذا قال الحافظ في التقريب /264: " مقبول، يرسل ".
وقصة بلال هذه جاءت من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: كان علقمة بن علاثة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " رويداً يا بلال، يتسحر علقمة، وهو يتسحر برأس ".
أخرجه الطيالسي ص (258)،والطبراني في " الكبير " كما في المجمع 3/ 153 - وفي سنده قيس بن الربيع،قال عنه الحافظ في التقريب (457):"صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به ".
3 - أنس بن مالك -رضي الله عنه-:
أخرجه البزار 1/ 467 ح (983) كشف - من طريق مطيع بن راشد، عن توبة العنبري أنه سمع أنس به مالك يقول، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " انظر مَنْ في المسجد فادعه، فدخلت ـ يعني المسجد - فإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فدعوتهما، فأتيته بشيء فوضعته
بين يديه، فأكل وأكلوا، ثم خرجوا، فصلّى بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الغداة ".
قال البزار: " لا نعلم أسند توبة عن أنس إلاّ هذا وحديثاً آخر، ولا رواهما عنه إلاّ مطيع " ا هـ. ومطيع بن راشد لا يعرف، كما قال الذهبي في الميزان 4/ 130، وفي التقريب (535) " مقبول "، وهو على ضعفه تفرد به عن توبة العنبري.
4 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه:
أخرجه ابن جرير 2/ 175 من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال: أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر،قال: أشربها يا رسول الله؟ قال: نعم، فشربها ".
وفي إسناده الحسين بن واقد، وقد ترجمته في الحديث الأول، وأن الإمام أحمد قد استنكر بعض حديثه، وهو ممن يدلس كما وصفه بذلك الدارقطني والخليلي، وقد عنعن في هذا الإسناد.
و أبو غالب صاحب أبي أمامة، ضعّفه ابن سعد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان،ووثقه الدارقطني، وقال ابن معين: صالح الحديث كما في تهذيب الكمال 34/ 170،وقد لخص ابن حجر هذه الأقوال بقوله في التقريب (664): " صدوق يخطيء ".
¥