ويقوله (ويجوز أن تكون آذانهن ثقبت قبل مجيء الشرع فيغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء) له حظ من النظر!
وقد روى النسائي (5142) عن أبي هريرة قال: كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتته امرأة فقالت: يا رسول الله سوارين من ذهب قال سواران من نار قالت يا رسول الله طوق من ذهب قال طوق من نار قالت قرطين من ذهب قال قرطين من نار قال وكان عليهما سواران من ذهب فرمت بهما قالت يا رسول الله إن المرأة إذا لم تتزين لزوجها صلفت عنده قال ما يمنع إحداكن أن تصنع قرطين من فضة ثم تصفره بزعفران أو بعبير) ولو صح الحديث لكان حجة واضحة ترد ما ما جوزه الحافظ من كونهن ثقبت آذانهن قبل مجيء الإسلام. ولكنه ضعيف, ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن النسائي!
وروى أحمد (6/ 455) وأبو داود (4238) والنسائي (5139) عن يحيى بن أبي كثير عن محمود بن عمرو عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة تحلت قلادة من ذهب جعل في عنقها مثلها من النار يوم القيامة وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصة من ذهب جعل في أذنها مثلها من النار يوم القيامة زاد أحمد:قال عبد الصمد في حديثه قال ثنا محمود بن عمرو قال وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصا جعل في أذنها مثله من النار يوم القيامة)
قال ابن حزم في المحلى (10/ 83): (محمود بن عمرو ضعيف)
قال ابن القطان وعلة هذا الخبر أن محمود بن عمرو راويه عن أسماء مجهول الحال وإن كان قد روى عنه جماعة
وابن أبي كثير مدلس لكنه صرح عند النسائي.
والحديث ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود. ولو صح الحديثان لكان فيهما دليل على جواز استعمال أقراط الفضة في ثقب الأذن.
لكن يقال للحافظ:
نحن استدللنا بإقراره صلى الله عليه وسلم على تعليقها في الثقب. وإقراره هذا يلزم منه إقرارهن على الثقب نفسه. وليس بمثل هذه الاحتمالات يورد على الاستدلال بالإقرارات! فإننا لا نعلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ثقب الأذن للنساء. والاحتمال الذي ذكره الحافظ مبني على هذا. وما بني على معدوم فهو معدوم!
جعلت ملاك العين والقلب في الهوى بناطقة القرطين صامتة القلب
تُصَحِّفُ لي ألحاظها لين قدها وتَقْلِبُه كيما تصيد به قلبي
وبعيدا عن مذهب الحافظ. قال الإمام ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: (ويجوز ثقب أذن البنت للزينة , ويكره ثقب أذن الصبي. نص عليهما. قال في رواية مهنا: (أكره ذلك للغلام. إنما هو للبنات) قال مهنا: قلت: من كرهه؟ قال: حريز بن عثمان. وقطع ابن الجوزي في منهاج القاصدين وغيره بأنه لا يجوز.)
وها هو ابن الجوزي الحنبلي يقول في أحكام النساء ((ص29 و30) مخالفا: (قال أبو الوفاء ابن عقيل: والنهي عن الوشم تنبيه على منع ثقب الأذن. قال المصنف رحمه الله: قلت: وكثير من النساء يستجزن هذا في حق النبات , ويعللن بأنه يحسنهن , وهذا لا يلتفت إليه. لأنه أذى لا فائدة فيه, فليعلم فاعل هذا أنه آثم معاقب, وقال أبو حاتم الطوسي: لا رخصة في تثقيب آذان الصبية لأجل تعليق الذهب.فإن ذلك جرح مؤلم. ولا يجوز مثله إلا لحاجة مهمة كالفصد والحجامة والختان والتزين بالحلق غير مهم. بل تعليقه على الأذن تفريط. وفي المخانق والأسورة كفاية عنه وهو حرام. والمنع منه واجب, والاستئجار عليه غير صحيح , والأجرة المأخوذة عليه حرام .. )
وقال أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي في مختصر منهاج القاصدين (ص133): (لا رخصة في تثقيب آذان الصبية لأجل تعليق حلق الذهب.فإن ذلك جرح مؤلم لا يجوز)
قلت: تعجب جدا من قول الطوسي: (بل تعليقه على الأذن حرام وفي المخانق والأسورة كفاية) ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أولى منه بهذا حينما رآهن يأخذن الأقراط من آذانهن يوم العيد!. ولكني لم أره صلى الله عليه وسلم فعل. أم ترى أبا حاتم هذا حجر واسعا؟! بلى ونحن على ذلك من الشاهدين!
¥