قال الحافظ في الفتح (6/ 400و401): (وكان السبب في ذلك أن سارة كانت وهبت هاجر لإبراهيم فحملت منه بإسماعيل فلما ولدته غارت منها فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فاتخذت هاجر منطقا فشدت به وسطها وهربت وجرت ذيلها لتخفي أثرها على سارة ويقال إن إبراهيم شفع فيها وقال لسارة حللي يمينك بأن تثقبي أذنيها وتخفضيها وكانت أول من فعل ذلك)
وقال ابن كثير في قصص الأنبياء (ص113): (وقد ذكر الشيخ أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله في كتاب النوادر أن سارة تغضبت على هاجر فحلفت لتقطعن ثلاثة أعضاء منها, فأمرها الخليل أن تثقب أذنيها وأن تخفضها فتبر قسمها, قال السهيلي: (فكانت أول من اختتن من النساء وأول من ثقبت أذنها منهن وأول من طولت ذيلها)) وضعفها الشيخ مشهور حسن سلمان فلم يذكرها في صحيح قصص الأنبياء! فإنه ذكر أن من منهجه في الكتاب: (الاكتفاء بما صح ... ) والقصة ذكرها الشيخ ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات (4/ 338/دار الغرب) واستدل بقصتها فقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل عند قول خليل: (ولو خاتما وقرطا): (وأخذ من هذا جواز ثقب أذن المرأة للبس القرط ويؤيده أن سارة حلفت لتمثلن بهاجر فخفضتها وثقبت أذنيها بأمر الخليل)
قلت: إن ثبت أن أبا إسحاق سمعه من حارثة غلب على الظن كونه مرفوعا حكما.لأنه من الأمور التي لا يدركها علي رضي الله عنه ولا يتكلم بها إلا بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
. قال ابن إسحاق: حدثت عن أسماء قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا أين أبوك يا بنت أبي بكر قالت قلت لا أدري والله أين أبي قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا فلطم خدي لطمة طرح منها قرط.لكن الإسناد كما يظهر منقطع
طريفة:
ـ قال ابن بطوطة في رحلته المسمى (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار/1/ص428/مؤسسة الرسالة): (وعلامة النسوة المسلمات بأرض الهند ترك ثقب الأذن. والكافرات آذانهن مثقوبات.)
ـ فتويان في المسألة:
ـ في السؤال الثاني من الفتوى رقم (9216) للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ما حكم ختان الأنثى وكذا ثقب أذنها وهل ثقب أذنها جائز أو مكروه وإذا كان مكروها فهل الكراهية تنبيه أو تحريم؟
فأجابت: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد: الختان مكرمة في حق النساء وأما ثقب الأذن للمرأة فلا بأس به لحاجتها إلى التزين بالحلي. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.)
ـ وسئل الشيخ المختار الشنقيطي كما في شرحه الصوتي لزاد المستقنع: ما حكم ثقب الأذن للنساء لتعليق الذهب وغيره؟
فأجاب:
هذه المسألة فيها خلاف، لكن جمهور العلماء وجماهير أئمة السلف والخلف على جواز ثقب أذن المرأة من أجل وضع الحلي، والذين قالوا: إنه لا يجوز؛ قالوا لأنه مثله وتعذيب للصبية، وتعذيب للإنسان نفسه إذا كان كبيرا ولأن الزينة مرتبة كمالات، وتعذيب البدن لا يجوز إلا في الضروريات والحاجيات.
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من جواز ثقب أذن الصبية، والدليل على ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها في حديث أم زرع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عن أم زرع أنها قالت: (وأناس من حلي أذني) وهذا لا يكون إلا بالقرط المعلق في الأذن، وفي الصحيحين من حديث بلال رضي الله عنه: (فجعلن يلقين من حليهن وأقراطهن)، والقرط لا يثبت في الإذن إلا بالوخز والحفر، فهذا الدليل يدل على مشروعية وجواز ثقب أذن الصبية، ولا بأس في ذلك ولا حرج فيه.
والله تعالى أعلم.
ـ حكم ثقب آذان الصبيان!
ـ وقد يقول قائل: فاحك لنا في الصبيان شيئا. فقد رأينا الإمام أحمد يكره ذلك لهم. فهل كانوا يُفعل بهم ذلك؟
¥