ـ قلت: كان ثقب أذن الصبي معروفا ومعمولا به بعض كثير من الناس زمانا. ولذلك فرعوا عليه فرعا غريبا, فتجد في الفواكه الدواني: (يتحرى ثقب الحلقة في أذنيه إن كان, فيجب عليه إيصال الماء إليه كموضع الجرح الذي يبرأ غائرا ولا يلزمه جعل نحو زردة فيه كما يقوله بعض الأئمة) وقال صاحب درر الحكام شرح غرر الأحكام: (في المحيط: إن كان لا يصل الماء إلى ثقب القرط إلا بتكلف لا يتكلف وكذا إن انضم بعد نزع القرط وصار بحيث لا يدخل القرط فيه إلا بتكلف لا يتكلف أيضا)
وروى أبو يعلى في مسنده (3645) حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا سكين بن عبد العزيز حدثنا يسار بن بالإجماع الرياحي أبو المنهال قال دخلت مع أبي على أبي برزة الأسلمي وإن في أذني يومئذ قرطين أي غلام)
ـ وقال الإمام شعبة بن الحجاج أبو بسطام رحمه الله كما في سير أعلام النبلاء (8/ 462): (رأيت ابن عيينة غلاما معه ألواح طويلة عند عمرو بن دينار وفي أذنه قرط أو قال شنف)
ـ قال الزبيدي في تاج العروس (10/ 372 و373): (القرط الشَّنْف , وقيل:الشنف في أعلى الأذن والقرط في أسفلها أو هو معلق في شحمة الأذن كما في الصحاح)
ولا زال الشيعة الروافض يحلون الصبيان من زنا المتعة بالأقراط ليميزوهم.فإن زنا المتعة عندهم من أعظم القربات إلى الله عليهم من الله ما يستحقون. أفادني هذا شيخنا محمد بوخبزة وأحالني على كتاب (جولة في ربوع الشرق الأدنى) لمحمد بن ثابت المصري وفيه وجدت ذلك.!
ـ ومن طرائف أو قل غرائب هذا الباب ما رواه الخطيب البغدادي في تاريخه (6/ 347) والحافظ المزي في تهذيب الكمال (2/ 378) عن أبي الحسن علي بن إسحاق بن راهويه قال: ولد أبي من بطن أمه مثقوب الأذنين. قال: فمضى جدي راهويه إلى الفضل بن موسى السيناني فسأله عن ذلك وقال: ولد لي ولد خرج من بطن أمه مثقوب الأذنين. فقال: يكون ابنك رأسا إما في الخير وإما في الشر)
قال الذهبي في السير (11/ 380): (هذا إسناد جيد وحكاية عجيبة)
وقال الإمام ابن القيم في التحفة (ص210و211) معلقا: (فكأن الفضل بن موسى والله أعلم تفرس فيه أنه لما تفرد عن المولودين كلهم بهذه الخاصة أن ينفرد عنهم بالرياسة في الدين أو الدنيا وقد كان رحمه الله رأس أهل زمانه في العلم والحديث والتفسير والسنة والجلالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكسر الجهمية وأهل البدع ببلاد خراسان, وهو الذي نشر السنة في بلاد خراسان وعنه انتشرت هناك ... )
وقد ورد ما يدل على جواز ذلك بل ندبه للصبيان.فقد أخرج الطبراني في الأوسط (558) حدثنا أحمد بن القاسم قال حدثنا أبي وعمي عيسى بن المساور قالا حدثنا رواد بن الجراح عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن بن عباس قال: سبعة من السنة في الصبي يوم السابع يسمى ويختن ويماط عنه الأذى وتثقب أذنه ويعق عنه ويحلق رأسه ويلطخ بدم عقيقته ويتصدق بوزن شعره في رأسه ذهبا أو فضة لم يرو هذا الحديث عن عبد الملك إلا رواد) لكن قال الحافظ في التلخيص (4/ 148): (وفيه داود بن الجراح وهو ضعيف) وقال الشوكاني في النيل: (وفي إسناده رواد بن الجراح وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات، وفي لفظه ما ينكر وهو ثقب الأذن والتلطيخ بدم العقيقة).
وغريب قول الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 59): (رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات). فإن رواد ضعيف كما علمت!
ومن الأمور الطريفة المعروفة في بعض الأوساط النسائية في بعض البلدان ثقب الأنف! وهذا أمر معروف في نساء الهند وغيره , وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن ذلك فقال: (ثقب الأنف لا أذكر فيه لأهل العلم كلاما , ولكن فيه مثلة وتشويه للخلقة فيما نرى ولعل غيرنا لا يرى ذلك ,فإن كانت المرأة في بلد يعد تحلية الأنف فيها زينة وتجملا فلا بأس بثقب الأنف لتعليق الحلية عليه) (فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين /ج11/ 137) لكن قال في نهاية المحتاج: (وأما ثقب المنخر فلا يجوز أخذا من اقتصاره على الآذان وهو ظاهر حيث لم تجر عادة أهل ناحية به وعدهم له زينة، وإلا فهو كتثقيب الآذان، ثم رأيت في حج ما نصه: ويظهر في خرق الأنف بحلقة تعمل فيه من فضة أو ذهب أنه حرام مطلقا؛ لأنه لا زينة في ذلك يغتفر لأجلها إلا عند فرقة قليلة ولا عبرة بها مع العرف، بخلاف ما في الآذان)
وفي حاشية البجيرمي على الخطيب: (قال الشريف الرحماني: وخرق الأنف لما يجعل فيه من نحو حلقة نقد حرام مطلق)
والحمد لله رب العالمين