[حكم ترتيل الدعاء وتجويده؟]
ـ[أبومحمد الحربي]ــــــــ[02 - 10 - 07, 06:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جاءني الكثير من الإخوة يشتكون من حصول فتنة في بعض مساجد جدة في موضوع ترتيل الدعاء وتجويده
حيث أن البعض يصف هذاالفعل بأنه بدعة ومنكر ومخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم واستحسنه آخرون
فطلبوا مني أن أحرر لهم جوابا في هذه المسألة فأجبتهم الى ذلك طالبا للثواب راغبا الى الله في التوفيق للصواب
إنه على كل شئ قدير وبالإجابة جدير.
بسم الله
الحمد لله.
أولا: هذه المسألة البحث فيها بحث أصولي حيث أنه لايوجد مع أحد الفريقين دليل صحيح صريح يكون فصلا في مورد النزاع يصار اليه لأن كيفيات الأداء أمور صوتية والأمور الصوتية لايمكن أن تنقل إلا بالمشافهة والتلقي والأمور الصوتية خاضعة لثقافات الناس وأماكنهم وأعراقهم المختلفة ,فالشخص الفارسي إذا قرأ القرآن او دعاالله تعالى
فإنه سيدعوه بالكيفية التي تتوائم مع لهجته ولحون أهل بلده والصيني كذلك والأفريقي كذلك والنجدي واليماني
والمصري كل حسب الصوتيات التي تناسب لغته وطبيعته ولا يمكن أن نحمل الناس على كيفية صوتية معينة في الأداء
ثانيا: فإن قال قائل:
اليست العبادات توقيفية؟ قلنا بلى.
ولكن هذه العبادات إما أن تكون في نفسها مقيدة وإما أن تكون مطلقة من حيثيات دون أخرى وإما أن تكون مطلقة
وسأضرب أمثلة:
الأول: الصلاة في كيفيتها توقيفية يعني نصلي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي كما ورد في الحديث
لكن في نفس هذه الصلاة التوقيفية أمور مطلقة كقراءة ما تيسر من القرآن غير الفاتحة وكالدعاء في السجود
على المشهور.
الثاني: الدعاء بين الأذان والإقامة مشروعية الدعاء واستحبابه توقيفي أي أنه أتانا بحكم شرعي لكن بم ندعو؟ الأمر مطلق فندعوا بما شئنا.
وهل دعاء القنوت او الدعاء عموما هل هو عبادة؟
قلنا:نعم.إذن توقيفي.لكن ما معنى كون الدعاء توقيفي؟
هل معنى ذلك لزوم أن يكون الدعاء من الوارد أم يدعو الإنسان بما شاء.للإنسان أن يدعو بما شاء والأفضل أن يدعو
بالمأثور ففيه الخير والبركة ,لكن هل كيفية أداء الدعاء توقيفية؟ لا أقول هل الدعاء توقيفي لا يزاد عليه؟ فهذا مختلف فيه ,وأنا اميل الىان الدعاء داخل الصلاة توقيفي وأما في قنوت الوتر فيدعو بالمأثور ثم يجتهد في الأدعية الطيبة بالضوابط المعلومة. بخلاف الدعاء خارج الصلاة.
ثالثا: ولكن كيفية أداء الدعاء مطلقة وليست مقيدة فالنبي صلى الله عليه وسلم ندبنا الى الدعاء ولم يبين لنا بأي كيفية أداء نؤديه والقاعدة الفقهية التي ذكرها ابن تيمية رحمه الله تعالى (أن ما أطلقه الشارع يحمل على إطلاقه ولا يجوز تقييده
بقيد) فالمسافر له أن يقصر ويفطر ما دام أن اسم السفر لايزال معه فلم يقيد بمدة أو بمسافة.
وسأضرب مثالا آخر:المسح علىالخفين عبادة والعبادة توقيفية؟
فهل من البدعة أن ألبس خفا مزركشا ومزخرفا وملونا بدعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلبس الا خف جلدي
لونه بني أو اسود.لا أعتقد أن عاقلا يقول به. وهل أمسح اليمنى باليمنى أولا ثم اليسرى باليسرى ثانيا أم في نفس الوقت لم يبين ولا يستطيع أحد أن يدعي ما هو الأصل وما هو العارض, على الأصل.
فلا فرق بين ان يزين الإنسان كلامه ودعاءه بصوت شجي وبين ان يزين خفه بألوان متعددة أو يمسح بكيفية معينة ..
:وكلا الأمرين عبادة
رابعا: وأنا أقول بأن الذين يقيدون الدعاء بأن يكون بغير ترتيل وتجويد هم على خطر عظيم حيث أنهم
ادعوا أن الدعاء بغير ترتيل سنة وليس معهم شئ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أمر يرجعون اليه
اللهم الا أمرين:
1 - التحكم المحض.
2 - التحسس المفرط من الصوفية والشيعة لأنهم يرتلون أدعيتهم.
ونحن لا نقول بأن ترتيل الدعاء سنة وإنما نقول بأنه مستحب لأنه يؤدي الى مستحب وهو تحريك القلوب والتخشع
وهذا أحرى في الإجابة وقبول الدعاء.
وهنا أمر آخر:
بعضهم قد يقول:الأصل هو أن يكون الدعاء من غير ترتيل!
ونقول هذا أصل ليس بأصيل بل أن العرب كانوا يجودون ويرتلون أشعارهم.
وقد أجمع أهل اللغة على أن كل ما في القرآن في كيفية الأداء موجود في اللغة العربية وليس كل ما في العربية موجود في القرآن.
¥