تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3ــ إطلاق الأفراد المجندين اللحى اتباع لسنة الإسلام، فلا يؤاخذون على ذلك في ذاته، و لا ينبغي إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها سئل بالكتاب 60/ 81 المؤرخ 16/ 6/1981 المقيد برقم 194 سنة 1981 و به طلب بيان الرأي عن إطلاق الأفراد المجندين اللحى، حيث إن قسم القضاء العسكري قد طلب الإفتاء بخصوص ذلك الموضوع، لوجود حالات لديها.

أجاب: إن البخاري روى في صحيحه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (خالفوا المشركين، ووفروا اللحى، و أحفوا الشوارب) وفي صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال (أحفوا الشوارب و أعفوا اللحى) و في صحيح مسلم أيضاً عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، و قص الأظفار، و غسل البراجم و نتف الإبط، و حلق العانة، وانتقاص الماء. قال بعض الرواة: و نسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة).

قال الإمام النووي في شرحه حديث (أحفوا الشوارب و أعفوا اللحى): إنه وردت روايات خمس في ترك اللحية، و كلها على اختلاف في ألفاظها تدل على تركها على حالها، وقد ذهب كثير من العلماء إلى منع الحلق و الاستئصال، لأمر الرسول صلى الله عليه و سلم بإعفائها من الحلق و لا خلاف بين فقهاء المسلمين في أن إطلاق اللحى من سنن الإسلام فيما عبر عنه الرسول صلى الله عليه و سلم في الحديث السابق الذي روته عائشة (عشر من الفطرة).

و مما يشير إلى أن ترك اللحية وإطلاقها أمر تقره أحكام الإسلام وسننه ما أشار إليه فقه الإمام الشافعي من أنه: (يجوز التعزير بحلق الرأس لا اللحية) وظاهر هذا حرمة حلقها على رأي أكثر المتأخرين.

و نقل ابن قدامة الحنبلي في المغني: أن الدية تجب في شعر اللحية عند أحمد وأبي حنيفة والثوري، وقال الشافعي ومالك: فيه حكومة عدل.

و هذا يشير أيضاً إلى أن الفقهاء قد اعتبروا التعدي بإتلاف شعر اللحية حتى لا ينبت جناية من الجنايات التي تستوجب المساءلة، إما بالدية الكاملة كما قال الأئمة أبو حنيفة وأحمد والثوري، أو دية يقدرها الخبراء كما قال الإمامان: مالك والشافعي. ولا شك أن هذا الاعتبار من هؤلاء الأئمة يؤكد أن اللحى وإطلاقها أمر مرغوب فيه في الإسلام وأنه من سننه التي ينبغي المحافظة عليها.

لما كان ذلك: كان إطلاق الأفراد المجندين اللحى اتباعاً لسنة الإسلام فلا يؤاخذون على ذلك في ذاته، ولا ينبغي إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها إذ: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وهم متبعون لسنة عملية جرى بها الإسلام.

ولما كانوا في إطلاقهم اللحى مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يؤثموا أو يعاقبوا، بل إن من الصالح العام ترغيب الأفراد المجندين وغيرهم في الالتزام بأحكام الدين، فرائضه وسننه، لما في هذا من حفز همتهم، ودفعهم لتحمل المشاق، والالتزام عن طيب نفس حيث يعملون بإيمان وإخلاص.

وتبعاً لهذا: لا يعتبر امتناع الأفراد الذين أطلقوا اللحى عن إزالتها رافضين عمداً لأوامر عسكرية، لأنه ــ بافتراض وجود هذه الأوامر ــ فإنها ــ فيما يبدو ــ لا تتصل من قريب أو بعيد بمهمة الأفراد، أو تقلل من جهدهم، و إنما قد تكسبهم سمات وخشونة الرجال، وهذا ما تتطلبه المهام المنوطة بهم.

ولا يقال: إن مخالفة المشركين تقتضي ــ الآن ــ حلق اللحى، لأن كثيرين من غير المسلمين في الجيوش، وفي خارجها يطلقون اللحى، لأنه شتان بين من يطلقها عبادة اتباعاً لسنة الإسلام وبين من يطلقها لمجرد التجمل، وإضفاء سمات الرجولة على نفسه، فالأول منقاد لعبادة يثاب عليها، إن شاء الله تعالى، والآخر يرتديها كالثوب الذي يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهي مهمته.

ولقد عاب الله الناهين عن طاعته وتوعدهم:? أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىعَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىأَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى? الآيات من 9 ــ 14 من سورة العلق والله سبحانه و تعالى أعلم. (انتهت الفتوى بنصها مع الحواشي من مجلة التوحيد)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير