تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومن هذا وضع ابن عمر يده على مقعد النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتعريف ابن عباس بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفة، مما يفعله سائر الصحابة ولم يكن النبى شرعه لأمته لم يمكن أن يقال هذا سنة مستحبة بل غايته أن يقال هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة أو مما لا ينكر على فاعله لأنه مما يسوغ فيه الإجتهاد لا لأنه سنة مستحبة سنها النبى لأمته أو يقال فى التعريف إنه لا بأس به أحيانا لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة.

وهكذا يقول أئمة العلم فى هذا وأمثاله تارة يكرهونه وتارة يسوغون فيه الإجتهاد وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة ولا يقول عالم بالسنة إن هذه سنة مشروعة للمسلمين.

فإن ذلك إنما يقال فيما شرعه رسول الله إذ ليس لغيره أن يسن ولا أن يشرع وما سنه خلفاؤه الراشدون فإنما سنوه بأمره فهو من سننه ولا يكون فى الدين واجبا إلا ما أوجبه ولا حراما إلا ما حرمه ولا مستحبا إلا ما استحبه ولا مكروها إلاما كرهه ولا مباحا إلا ما أباحه، وهكذا فى الإباحات كما استباح أبو طلحة أكل البرد وهو صائم واستباح حذيفة السحور بعد ظهور الضوء المنتشر حتى قيل هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع وغيرهما من الصحابة لم يقل بذلك فوجب الرد الى الكتاب والسنة.

وكذلك الكراهة والتحريم مثل كراهة عمر وابنه للطيب قبل الطواف بالبيت وكراهة من كره من الصحابة فسخ الحج الى التمتع أو التمتع مطلقا أو رأى تقدير مسافة القصر بحد حده وأنه لا يقصر بدون ذلك أو رأى أنه ليس للمسافر أن يصوم فى السفر.

ومن ذلك قول سلمان: إن الريق نجس، وقول بن عمر إن الكتابية لا يجوز نكاحها، وتوريث معاذ ومعاوية للمسلم من الكافر، ومنع عمر وابن مسعود للجنب أن يتيمم، وقول على وزيد وابن عمر فى المفوضة إنه لا مهر لها إذا مات الزوج، وقول على وابن عباس فى المتوفى عنها الحامل إنها تعتد أبعد الأجلين، وقول ابن عمر وغيره إن المحرم إذا مات بطل إحرامه وفعل به ما يفعل بالحلال،

وقول بن عمر وغيره لا يجوز الإشتراط فى الحج، وقول إبن عباس وغيره فى المتوفى عنها ليس عليها لزوم المنزل، وقول عمر وإبن مسعود إن المبتوتة لها السكنى والنفقة وأمثال ذلك مما تنازع فيه الصحابة فإنه يجب فيه الرد الى الله والرسول ونظائر هذا كثيرة فلا يكون شريعة للأمة إلا ما شرعه رسول الله .... )

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وإنما يثبت استحباب الأفعال واتخاذها دينا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السابقون الأولون وما سوى ذلك من الأمور المحدثة فلا يستحب وإن اشتملت أحيانا على فوائد لأنا نعلم أن مفاسدها راجحة على فوائدها) مجموع الفتاوى (2/ 687)

وقال الشاطبي رحمه الله: (سنة الصحابة رضي الله عنهم سنة يعمل عليها ويرجع إليها .. ) الموافقات (4/ 74)

وقال أيضا: (كل ما سنوه فهو سنة من غير نظير فيه بخلاف غيرهم .. ) الاعتصام (2/ 263)

وقال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله في تعريف البدعة: ما احدث في الدين على خلاف ما كان عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه من عقيدة أو عمل) شرح لمعة الاعتقاد (ص 23)

وقال الشيخ المحدث الألباني رحمه الله: (كل أمر يتقرب إلى الله به وقد نهى عنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وكل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف ولا نص عليه فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي ... ) أحكام الجنائز (ص 242) وبنحو هذا قال الحكمي في معارج القبول (2/ 502) وأحمد بن حجر آل بوطامي في تحذير المسلمين من الابتداع في الدين (ص 10)

ولذا فالصواب أنه لا يوصف فعل الصحابي بالبدعة لأمور:

الأمر الأول: أن قولهم سنة متبعة إما على سبيل الوجوب أو الاقتداء والاتباع وقد سبق ان وضعت بحثاً في مسألة حجية قول الصحابي في هذا الملتقى، والسنة والبدعة متضادتان فما وصف بكونه سنة لا يوصف بالبدعة.

الأمر الثاني: أن الصحابة هم أعلم الناس بمقاصد الشرع ومن أعظم مقاصد الشرع اتباع السنة والحذر من البدع ولا يمكن أن يجهل ذلك أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويعلمه من جاء بعدهم.

الأمر الثالث: أن الصحابة جميعاً حذروا من البدع وأمرونا باتباع ما كانوا عليه ولو كان يصدر منهم ذلك لما جاز لهم أن يحيلونا على من يصدر منه ذلك إحالة مطلقة بدون قيد.

والله أعلم

ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[17 - 10 - 07, 02:19 ص]ـ

أبا حازمٍ جادتْ جزائنُ عِلمِكُم ** فلا حُرمَتْ (عينٌ) فوائدَ مَنْ يَسرِي

ينقِّحُ أقوالاً (بعينٍ) بصيرةٍ ** رعى اللهُ (عيناً) من (عيونكمُ) تجري!

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[17 - 10 - 07, 03:08 ص]ـ

الشيخ مهند غفر الله لك وجعلني عند حسن ظنك إنما أنقل ما قاله العلماء وما نقحوه ولم آت من كيسي بشيء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير