تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1. نزولهم من منى يوم النفر قبل رمي الجمرات فيطوفوا للوداع ثم يرجعوا إلى منى فيرموا الجمرات، ثم يسافروا إلى بلادهم من هناك وهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت، فإن من رمى بعد طواف الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج، وقد قال: (خذوا عني مناسككم) ([5]).

وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صريح في أن الطواف بالبيت آخر النسك.فمن طاف للوداع ثم رمى بعده فطوافه غير مجزئ لوقوعه في غير محله، فيجب عليه إعادته بعد الرمي، فإن لم يعد كان حكمه حكم من تركه.

2. مكثهم بمكة بعد طواف الوداع فلا يكون آخر عهدهم بالبيت، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبينه لأمته بفعله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه وهكذا فعل أصحابه، ولكن رخص أهل العلم في الإقامة بعد طواف الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كبيرة كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها أو حضرت جنازة فصلي عليها، أو كان له حاجة تتعلق بسفره كشراء متاع وانتظار رفقة ونحو ذلك فمن أقام بعد طواف للوداع إقامة غير مرخص فيها وجبت عليه إعادته.

3. خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة، وهذا خلاف السنة بل هو من البدع التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها: (كل بدعة ضلالة) والبدعة كل ما احدث من عقيدة أو عبادة على خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، فهل يظن هذا الراجع على قفاه تعظيماً للكعبة على زعمه انه أشد تعظيماً لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أن في ذلك تعظيم لها لا هو ولا خلفاؤه الراشدون؟!

4. التفاتهم إلى الكعبة عند باب المسجد بعد انتهائهم من طواف الوداع ودعاؤهم هناك كالمودعين للكعبة، وهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفاؤه الراشدين، وكل ما قصد به التعبد لله تعالى وهو مما لم يرد به الشرع فهو باطل مردود على صاحبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ([6]). أي مردود على صاحبه.

فالواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يكون في عباداته متبعاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لينال بذلك محبة الله ومغفرته كما قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) واتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما يكون في مفعولاته يكون كذلك في متروكاته، فمتي وجد مقتضي الفعل في عهده ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن السنة والشريعة تركه، فلا يجوز إحداثه في دين الله تعالى ولو أحبه الإنسان وهواه، قال الله تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ) (المؤمنون: الآية71) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به).نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.

والحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

تم تحريره في 19 شعبان 1398هـ بقلم الفقير إلى الله تعالى: محمد الصالح العثيمين غفر الله له ولوالديه وللمسلمين.


([2]) رواه الترمذي، كتاب الحج رقم (902).

([3]) رواه مسلم، كتاب الحج رقم (1218).

([4]) رواه أبو داوود، كتاب المناسك رقم (1949) والترمذي، كتاب الحج رقم (889) والنسائي، كتاب مناسك الحج رقم (3044) وابن ماجه، كتاب المناسك رقم (3015).

([5]) ر واه مسلم، كتاب الحج رقم (1297) وأبو داوود، كتاب المناسك رقم (1970) بلفظ آخر.

([6]) رواه البخاري، كتاب الصلح رقم (2697) ومسلم، كتاب الأقضية رقم (1718).

ـ[مبارك مسعود]ــــــــ[17 - 10 - 07, 09:32 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء وبارك فيك وزادك علما وتقوى ....

ـ[عبد الله بن عثمان]ــــــــ[17 - 10 - 07, 10:41 م]ـ
أكرمك الله شيخنا ... و جعلك خير خلف لخير سلف

ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[18 - 10 - 07, 12:38 ص]ـ
جزاكم الله خيراً .. ونسأل الله أن ييسر لنا الحج

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 10 - 07, 10:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير على هذه الفتوى ورحم الله شيخنا العلامه محمد بن صالح العثيمين وجعل الفردوس له منزلا ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن ينتقي أطيب الكلام كما ينتقى أطيب الثمر فجزاك الله خير الجزاء يا شيخنا ورحمك الله وبارك فيك.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير