تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحكمة في تشريع الحج وأحكامه وفوائده]

ـ[فايز العريني]ــــــــ[17 - 10 - 07, 05:58 م]ـ

[الحكمة في تشريع الحج وأحكامه وفوائده]

لسماحة شيخنا الوالد عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخليله وصفوته من عباده نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد:

فإني أشكر الله عز وجل على ما منّ به من هذا اللقاء في خير بقعة بإخواني في الله؛ للتواصي والتناصح بالحق، والتعاون على البر والتقوى، والتذكير بالله وبحقه، والتذكير بهذه الشعيرة العظيمة شعيرة الحج، وما فيها من الخير العظيم، والمنافع الكبيرة والعواقب الحميدة للمسلمين في كل مكان. فأسأله جل وعلا أن يجعله لقاءً مباركاً، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً، وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يتقبل منا ومن سائر إخواننا حجاج بيت الله الحرام وغيرهم من المسلمين، أسأل الله أن يتقبل منا جميع أعمالنا التي نتقرب بها إليه سبحانه وتعالى.

ثم أشكر أخي معالي الشيخ راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس هذا النادي على هذه الدعوة لهذا اللقاء، وأسأل الله جل وعلا أن يبارك في جهوده، وأن يعينه على كل خير، وأن يجعلنا وإياكم وإياه من الهداة المهتدين، إنه خير مسؤول.

أيها الأخوة: شعيرة الحج أمرها عظيم وفوائدها كثيرة وحكمها متنوعة، ومن تأمل كتاب الله وتأمل السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا الموضوع عرف عن ذلك الشيء الكثير. ولقد شرع الله سبحانه هذه الشعيرة لعباده لما في ذلك من المصالح العظيمة، والتعارف، والتعاون على الخير، والتواصي بالحق، والتفقه في الدين، وإعلاء كلمة الله، وتوحيده، والإخلاص له، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة والفوائد التي لا تحصى. ومن رحمته سبحانه أن جعل الحج فرضاً على جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فالحج فريضة عامة على جميع المسلمين: رجالاً ونساءً، عرباً وعجماً، حكاماً ومحكومين، مع الاستطاعة، كما قال عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [1]. فالآية الكريمة واضحة في أن هذا الحج واجب على جميع الناس مع الاستطاعة. والحج مرة في العمر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: ((لو قلتها لوجبت، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع)) [2]. وهذا من تيسير الله أيضاً ومن نعمته العظيمة أن جعلها مرة في العمر؛ لأنه لو كان أكثر من ذلك لكانت المشقة عظيمة بسبب الكلفة الكبيرة بالنسبة للبعيدين عن هذه البقعة المباركة، ولكن الله بلطفه ورحمته جعل الحج مرة في العمر، ومن زاد فهو تطوع. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)). [3] متفق على صحته. وفي الصحيحين أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) [4]. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة)) [5]. فالحج له شأن عظيم وفوائد كثيرة، ومن فوائده العظيمة أنه إذا كان مبروراً فجزاؤه الجنة والسعادة وغفران الذنوب، وهذه فائدة كبيرة وكسب لا يقاس بغيره. والله جل وعلا جعل هذا البيت مثابة للناس وأمناً، كما قال جل وعلا: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} [6]، يثوبون إليه من كل مكان مرة بعد مرة، ولا يشبعون من المجيء إليه؛ لأن في المجيء إليه خيراً عظيماً وفوائد جمة، وهو مؤسس على توحيد الله والإخلاص له، قال تعالى: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} [7]. فالله هيأ هذا البيت لخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ليقيمه على توحيد الله، والإخلاص له، وعدم الإشراك به، وقد سئل عليه الصلاة والسلام عن أول بيت وضع للناس، قال: ((هو المسجد الحرام)) [8]. والله يقول في كتابه العظيم: {إن أول وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير