تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تم أشكر إخواني القائمين على هذا النادي، وعلى رأسهم الأخ الكريم صاحب الفضيلة الدكتور راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس النادي، على دعوتهم لي لهذه المحاضرة وعنوانها: [حرمة مكة المكرمة ومكانة البيت العتيق، وما ورد في ذلك من الآثار].

أيها الإخوة في الله لا يخفى على كل من له أدنى علم، وأدنى بصيرة حرمة مكة، ومكانة البيت العتيق؛ لأن ذلك أمر قد أوضحه الله في كتابه العظيم في آيات كثيرة، وبينه رسوله محمد عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة، وبينه أهل العلم في كتبهم ومناسكهم، وفي كتب التفسير.

والأمر بحمد الله واضح ولكن لا مانع من التذكير بذلك، والتواصي بما أوجبه الله من حرمتها والعناية بهذه الحرمة، ومنع كل ما يضاد ذلك ويخالفه، يقول الله عز وجل في كتابه المبين: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ

أوضح الله سبحانه في هذه الآيات. أن البيت العتيق، هو أول بيت وضع للناس وأنه مبارك، وأنه هدى للعالمين. وهذه تشريفات عظيمة، ورفع لمقام هذا البيت، وتنويه بذلك. وقد ورد في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أول بيت وضع للناس فقال عليه الصلاة والسلام " المسجد الحرام " قلت ثم أي؟ قال " المسجد الأقصى " قلت كم بينهما؟ قال " أربعون عاما " قلت ثم أي؟ قال " حيثما أدركتك الصلاة فصل فإن ذلك مسجد ". ويبين هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " الحديث.

هذا البيت العتيق هو أول بيت وضع للناس للعبادة والطاعة، وهناك بيوت قبله للسكن، ولكن أول ببت وضع للناس ليعبد الله فيه ويطاف به، هو هذا البيت، وأول من بناه هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وساعده في ذلك ابنه إسماعيل.

أما ما روي أن أول من عمره هو آدم فهو ضعيف، والمحفوظ والمعروف عند أهل العلم أن أول من عمره هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأول بيت وضع بعده للعبادة هو المسجد الأقصى على يد يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، وكان بينهما أربعون سنة، ثم عمره بعد ذلك بسنين طويلة سليمان نبي الله عليه الصلاة والسلام، وهذا البيت العتيق هو أفضل بيت، وأول بيت وضع للناس للعبادة، وهو بيت مبارك لما جعل الله فيه من الخير العظيم بالصلاة فيه، والطواف به، والصلاة حوله، والعبادة، كل ذلك من أسباب تكفير الذنوب، وغفران الخطايا، قال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ

فالله سبحانه قد جعل هذا البيت مثابة للناس يثوبون إليه، ولا يشبعون من المجيء إليه، بل كلما صدروا أحبوا الرجوع إليه، والمثابة إليه، لما جعل الله في قلوب المؤمنين من المحبة له والشوق إلى المجيء إليه، لما يجدون في ذلك من الخير العظيم، ورفع الدرجات، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، ثم جعله آمنا يأمن فيه العباد، وجعله آمنا للصيد الذي فيه، فهو حرم آمن، يأمن فيه الصيد الذي أباح الله للمسلمين أكله خارج الحرم، يأمن فيه حال وجوده به، حتى يخرج لا ينفر ولا يقتل.

محاضرة ألقاها سماحة الشيخ في النادي الثقافي الأدبي في مكة المكرمة مساء الأحد 26/ 11 / 1408 هـ.

الرابط: http://www.bin-baz.org.sa/Display.asp?f=Bz00479.htm

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 10 - 07, 09:30 م]ـ

ويقول سبحانه: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا يعني وجب أن يؤمن، وليس المعنى أنه لا يقع فيه أذى لأحد، ولا قتل، بل ذلك قد يقع، وإنما المقصود أن الواجب تأمين من دخله، وعدم التعرض له بسوء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير