تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويتناصحوا. يأتون من كل فج عميق من غرب الأرض وشرقها وجنوبها وشمالها، يجتمعون في بيت الله العتيق، في عرفات، في مزدلفة، في منى، في رحاب مكة، يتعارفون ويتناصحون، ويعلم بعضهم بعضا، ويرشد بعضهم بعضا، ويساعد بعضهم بعضا، ويواسي بعضهم بعضا، مصالح عاجلة وآجلة، مصالح التعليم والتوجيه والإرشاد والدعوة إلى سبيل الله، وتعليم مناسك الحج، وتعليم الصلاة، وتعليم الزكاة، يسمعون من العلماء ما ينفعهم؛ لأن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بما يزكيهم وبما يعلمهم الكتاب والحكمة، فيسمعون في رحاب البيت العتيق وفي رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذهبوا إليه وزاروه، يسمعون من العلماء ما فيه الهداية والبلاغ والإرشاد إلى طريق الرشاد، وسبيل السعادة إلى توحيد الله والإخلاص له، إلى ما أوجبه على عباده من الطاعات وإلى ما حرم عليهم من المعاصي ليحذروها، وليعرفوا حدود الله ويتعاونوا على البر والتقوى.

فمن أعظم المنافع وأجلها أن يتعلموا دين الله، ويتبصروا في رحاب البيت العتيق، ورحاب المسجد النبوي، من العلماء والمرشدين والمذكرين ما قد يجهلون من أحكام دينهم، وما قد يجهلون من أحكام حجهم وعمرتهم، حتى يؤدوها على علم وبصيرة، وحتى يعبدوا الله في أرضهم وأينما كانوا على علم وبصيرة.

(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 207)

من هنا نبع هذا العلم، ونبع علم التوحيد وصدر، ثم من المدينة، ثم من سائر هذه الجزيرة ومن سائر بلاد الله التي وصلها العلم وأهله، لكن أصله من هنا من رحاب بيت الله العتيق.

فعلى العلماء أينما كانوا، وعلى الدعاة أينما كانوا، ولا سيما هنا في رحاب بيت الله، أن يعلموا الناس، أن يعلموا الحجيج ويعلموا العمار ويعلموا القاطنين والوافدين والزائرين، يعلمونهم مناسك حجهم، يعلمونهم لماذا خلقوا، وبماذا أمروا. خلقوا ليعبدوا الله، وأمروا بعبادة الله: سورة الذاريات الآية 56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ سورة البقرة الآية 21يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فعلى العلماء - وفقهم الله - أينما كانوا، ولا سيما الموجودين في رحاب البيت العتيق، أن يعلموا الناس، أن يعلموا ضيوف بيت الله الحرام، وأن يرشدوهم في المساجد وفي الطرقات وفي السيارة وفي الطائرة وفي السفينة، في أي مكان، عليهم أن يعلموهم دينهم وما خلقوا له، وأن يرشدوهم إلى أسباب النجاة، وأن يحذروهم من أسباب الهلاك، وعليهم بوجه خاص أن يعلموهم مناسك حجهم وعمرتهم التي جاءوا ليؤدوها، يعلموهم في البيوت إذا اجتمعوا

(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 208)

في البيوت، وفي الخيمة وفي الطريق وفي المسجد وفي السيارة وفي الطائرة وفي السفينة وفي أي مكان. هكذا المؤمن، هكذا العالم، هكذا طالب العلم لا يدع فرصة إلا انتهزها للتعليم والتوجيه والإرشاد، والمؤمن هكذا لا يدع فرصة إلا انتهزها للتعليم والاستفادة من العالم وطالب العلم أينما كان، ولا سيما في رحاب بيت الله العتيق في أيام الحج، هذا الموسم العظيم.

فالمسلم مأمور بالتعلم وبالتفقه أينما كان في أي مكان وزمان، ولكن في رحاب بيت الله العتيق الأمر أعظم، هذا له خصائص والحاجة ماسة والحج حاضر فأنت في أشد الحاجة إلى أن تتعلم، ويجب عليك أن تتعلم؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71)، ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037).من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين رواه الشيخان. فمن علامات الخير لك والسعادة أن تتفقه في دين الله، هنا في بلد الله العتيق وفي بلادك وفي أي أرض كنت من أرض الله متى وجدت العالم، متى وجدت العلم فانتهز الفرصة ولا تتكبر ولا تكسل، فالعلم لا يناله المتكبرون ولا يناله الكسالى والعاجزون، فهو يحتاج إلى نشاط وهمة عالية، ولا يناله المستحون، وهو ليس حياء في الحقيقة الذي

(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 209)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير