تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 8)

والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام دعا ربه عز وجل أن يجعل ذريته موحدين مقيمين للصلاة التي هي من أخص وأفضل العبادات الدينية، ودعاه أيضا أن يجعل أفئدة - أي قلوبا - من الناس تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه، فأجاب الله تعالى دعاء خليله، فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا - صلى الله عليه وسلم - سيد الأنبياء والمرسلين وإمام الموحدين، فدعا إلى الدين الإسلامي وإلى ملة إبراهيم، فاستجابوا وصاروا مقيمين للصلاة. وافترض الله حج هذا البيت وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطرا على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد إليه شوقه وعظم ولعه وتوقه. وجعل سبحانه هذا البلد أيضا آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء، فإنك ترى مكة كل وقت والثمار فيها متوفرة والأرزاق تتوالى إجابة لدعوة خليله عليه السلام وفضلا منه سبحانه على هذا البلد الحرام وأهله.

ومن خصائص هذا البلد أيضا أنه بلد حرام حرمه الله. ففي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: صحيح البخاري الحج (1587)، صحيح مسلم الحج (1353)، سنن النسائي مناسك الحج (2892)، سنن أبو داود المناسك (2017)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 259).إن هذا البلد حرمه الله، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها متفق عليه.

ومن خصائصه أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما عداه. فعن ابن الزبير - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الجمعة (1190)، صحيح مسلم الحج (1394)، سنن الترمذي الصلاة (325)، سنن النسائي مناسك الحج (2899)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1404)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 485)، موطأ مالك النداء للصلاة (461).صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي رواه أحمد وابن خزيمة

(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 9)

وابن حبان، وإسناده صحيح، وصححه ابن عبد البر، وحسنه النووي في شرح مسلم. وأصل الحديث في مسلم من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - بدون زيادة: سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1406)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 343).وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي. وقد روي موقوفا، قال ابن عبد البر: ومن رفعه أحفظ وأثبت من جهة النقل. وقال أيضا بعد أن ساق الحديث مرفوعا من طريق حبيب المعلم: وليس في هذا الباب عن ابن الزبير ما يحتج به عند أهل الحديث إلا حديث حبيب هذا. وقال: ولم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه قوي ولا ضعيف ما يعارض هذا الحديث، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، وهو حديث ثابت لا مطعن فيه لأحد.

ومن خصائصه أنه لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد هو أحدها. ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يبلغ به عن النبي عن - صلى الله عليه وسلم - قال: صحيح البخاري الجمعة (1189)، صحيح مسلم الحج (1397)، سنن النسائي المساجد (700)، سنن أبو داود المناسك (2033)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1409)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 234)، سنن الدارمي الصلاة (1421).لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى.

ومن خصائصه أن شرع الله لعباده الحج إليه، وأمر خليله بتطهيره من الأدناس وأعظمها الشرك بالله، وأمره بالأذان في الناس ليحجوا بيت الله، يقول تعالى: سورة آل عمران الآية 97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ، وقال تعالى: سورة البقرة الآية 125وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، وقال عز وجل:

(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 10)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير