المساواة، غايته الفوز والرضوان، من الملك الديان.
ولا يتسع المجال للتعرض لكافة حكم متعلقات الحج وحسبنا الإشارة إلى بعض متعلقات حكمه الأساسية فيما يلي:
- إن الإحرام يستلزم حرمة اتخاذ المسلم أي وسيلة من وسائل الرفاهية والزينة "وحكمة الامتناع عن هذا. . . . أن الحج عبادة، الغرض منها التقرب إلى الله والوصول إلى ما أعده سبحانه للنفس المحسنة من خير الجزاء ولا يكون ذلك عادة إلا بإبعاد النفس عن شهواتها، وخروجها من مألوفها، وكفها عن لذائذها، ومظهر هذا الاقتصار على الضروريات من الحياة، والتجرد لله في جميع الحركات والسكنات " عفيف عبد الفتاح طباره، المرجع السابق، ص 261.، وعندئذ يجد الإنسان راحة نفسه في التقشف والزهد، والارتفاع فوق أدران المادة، وأوزار الجسد، فيحتمل المشاق راضيا، وكيف لا وهو في لباسه الموحد مع غيره، يستشرف عفو الرحمن، ويطمع في رضا الديان، فقد أطاعه مخلصا، وكل من تجرد عن
(الجزء رقم: 34، الصفحة رقم: 210)
مطالب الحياة؛ ابتغاء مرضاة الله، لا بد أن يفيء الله عليه من سابغ عطاياه. كذلك فإن حكمة الطواف حول الكعبة تتمثل في تكريمها عن يقين، وتحيتها عن عقيدة صافية، تثق في أن تكريم أول بيت وضع لعبادة الله في أرضه، هو أهم أسباب استجلاب الرحمة، فالمزور كريم، وبيته عظيم، ولذا فإن الزائر وهو يطوف حول الكعبة يتشبه "بالملائكة الحافين بعرش الله، الطائفين حوله، المسبحين له، لا يفترون. وفي هذا من سمو الروح ما فيه " المرجع السابق، ص 263 ..
- ومن حكم السعي بين الصفا والمروة، تأكيد اللجوء إلى الله، لكي يكشف الضر عمن قصد مسعاه، طالبا غفران الذنوب، مبتهلا إليه بأصفى القلوب، وكيف لا وقرب هذا المكان بالذات، كشف الله الضر عن هاجر وولدها إسماعيل، وفجر لهما نبع ماء (زمزم)، بعد أن بلغ بهما العطش كل مبلغ، وكاد يودي بهما.
- كذلك فإن من حكم الوقوف بعرفة، تجديد المسلم ذاته والانعتاق من ماضيه "المشوب بالإثم والباطل " المرجع السابق، ص 264.، وقطع العهد أمام الله، على بدء حياة نظيفة بالإيمان، مستقيمة بالإحسان.
- وعن الحكمة في الهدي والأضاحي، فإنه من المعلوم أن من الدماء دماء يقصد بها التقرب إلى الله تعالى كدماء الهدي والأضاحي، فالنحر لله من أشرف العبادات وأجلها. قال تعالى: سورة الكوثر الآية 2فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، وقال سبحانه: سورة الأنعام الآية 162قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فهذه الدماء عبادة شرعت لمحبة الله تعالى، والإخلاص له، والإحسان إلى الخلق، وقد اقترن الهدي والأضاحي بعيد النحر، حتى يتحقق الجمع بين
(الجزء رقم: 34، الصفحة رقم: 211)
الصلاة والنحر، وشرع الهدي، أن يهدي لخير البقاع في أشرف الأزمان في أجل العبادات، فصار الذبح أحد أنساكها، على أن يساق الهدي من الحل أو قبل ذلك، تعظيما لحرمات الله وشعائره وشرائعه، وفيه من الحكمة ما لا يخفى، فهو اقتداء بالخليل صلى الله عليه وسلم حيث فدى ابنه إسماعيل بذبح عظيم، وأمر الله تعالى هذه الأمة بالاقتداء به، خصوصا في أحوال البيت الحرام، حيث تكفل الله بأرزاق سكانه، برهم وفاجرهم، ومن حكمة ذلك أيضا أنه شكر لنعمة الله تعالى بالتوفيق لحج بيته الحرام، ولهذا وجبت في حالتي التمتع والقران، وهذه العبادة شملت مشروعيتها جميع المسلمين في هذه الأيام فشرع الله لهم الأضاحي تحصيلا لفوائد هذه العبادة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الإرشاد إلى معرفة الأحكام 1400 هـ، الرياض، ص 97 - 99 ..
- وأما عن الحكمة في إيجاب الهدي على المتمتع والقارن دون المفرد بالحج فإن دم النسك عبادة مستقلة من جملة عبادات النسك، فالمتمتع عليه دم المتعة، والقارن عليه دم القران، أما المفرد فلا دم عليه، وحكمة شرع الدم في حق المتمتع والقارن، أنه شكر لنعمة الله تعالى، حيث جمع العبد بين نسكين في سفر واحد وزمن واحد، ولذا يجب أن يكون كل من المتمتع والقارن قد أحرم بالعمرة في شهر الحج، ليكون كزمن واحد، كما يجب أن يكون من المسافرين وليس من حاضري المسجد الحرام، لأن حاضريه ليس عليهم هدي، ومن اللائق شرعا، أنه إذا قدم العبد بيت الله بنسكين كاملين أن يهدي لأهل البيت. أما المفرد فلا دم عليه لأنه لم يحصل له إلا نسك واحد، فلم يأت بالعمرة إلى الآن مثل المتمتع والقارن الإرشاد إلى معرفة الأحكام، ص 92 - 95 ..
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=4827&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=9956&RightVal=9957&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#firstKeyWor dFound
¥