تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أُهلُّ بما أهلَّ به رسولك، قال: فإن معي الهدي، فلا تحل. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن، والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحل الناس كلهم، وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي. فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء، فرحلت له. فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا؛ دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعًا في بني سعد، فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله. وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات. ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص. وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد شنق للقصواء الزمام - حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس! السكينةَ السكينةَ، كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسَبِّح بينهما شيئًا. ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح. بأذان وإقامة ثم ركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا، فدفع قبل أن تطلع الشمس. وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر، أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر. حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي. ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًا، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه. ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قِدْرٍ، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر. فأتى بني عبد المطلب، يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوًا فشرب منه.

وقفات مع حديث جابر:

قال الإمام النووي: حديث جابر رضي الله عنه - وهو حديث عظيم - مشتمل على جمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد، وقد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا. وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءًا كبيرًا، وخرَّج فيه من الفقه مائة ونيفًا وخمسين نوعًا، ولو تقصى لزيد على هذا القدر قريب منه.

شرح غريب الحديث:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير