ويجب عليك أن ترمى الجمار في أيام التشريق، ووقت رميها في هذه الأيام، من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، قال جابر رضي الله عنه (ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس) [رواه مسلم].
فتبدأ بالجمرة الصغرى فترميها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، حتى تقع الحصاة في الحوض، وتحاول أن تستقبل القبلة مع استقبال الجمرة حال الرمي، فإن لم تستطع فاستقبل الجمرة وهذا يكفي، ثم اجعلها عن يسارك وتأخر للدعاء، وأطل فيه، لان النبي صلى الله عليه وسلم أطال الدعاء في هذا الموضع، ثم انطلق إلى الجمرة الوسطى، فافعل مثل ما فعلت عند الصغرى، ولكن اجعلها عن يمينك وابتعد قليلا عن الزحام وأطل في الدعاء، ثم انطلق إلى الجمرة الكبرى، فارمها بسبع حصيات من جهة الحوض ليقع الحصى فيه، ولا تقف عندها للدعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك.
ويجب أن يكون الرمي على هذا الترتيب، الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإن أخللت بالترتيب، أعد الرمي.
فإن شق عليك أن ترمي كل يوم، بسبب كبر السن أو المرض أو الإعياء أو شدة الزحام أو طبيعة عملك في الحج ونحو ذلك، جاز لك أن تجمع رمي يومين في يوم، فترمي في اليوم الثاني، أولا رمي اليوم الأول، حتى تنتهي من الصغرى فالوسطى فالكبرى، ثم تعود فترمي رمي اليوم الثاني الصغرى فالوسطى فالكبرى، أو تجمعها كلها في اليوم الثالث، إن لم تتعجل في يومين، فترمي في هذه الحالة بالترتيب وفق النية، تبدأ برمي اليوم الأول حتى تنتهي منه، ثم تعود إلى الصغرى فترمي بنية اليوم الثاني، ثم الثالث هكذا.
التعجل والتأخر
ويجوز لك أن تتعجل في يومين، فإذا رميت الجمار ثاني أيام التشريق، تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر مكة، والأفضل أن تتأخر، فتبيت بمنى ليلة الثالث عشر من ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وترمي الجمرات بعد الزوال يوم الثالث عشر من ذي الحجة، ثم تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر.
ويشترط لمن عزم على التعجل في يومين أن يرمي الجمرات في اليوم الثاني قبل غروب الشمس ثم يخرج من منى، فإن بات بها، أو أدركه الليل وهو فيها، وجب عليه أن يأتي برمي اليوم الثالث بعد الزوال فيتأخر، ولا بأس إن حبس بسبب الزحام حتى أدركه الغروب وهو في منى بغير اختياره، فليرم وينفر إن شاء التعجل لأنه معذور.
طواف الوداع
ولا يجب عليك طواف الوداع إلا إذا عزمت الخروج من مكة، فإن أردت البقاء فيها، فإنك تؤخره إلى أن تعزم على مغادرتها.
ولا يجوز لك أن تنشغل بشيء بعد طواف الوداع، بل تبادر إلى مغادرة مكة، إلا أن تنتظر صحبة تلحق بك، أو تشتري حاجاتك في طريقك ونحو ذلك.
والحائض يسقط عنها طواف الوداع، فإذا أنهت رمي الجمار، فلها أن تسافر، عن ابن عباس رضي الله عنه قال (أُمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) [متفق عليه].
ويجوز لمن أخر طواف الإفاضة أن يطوفه وينوي به طواف الإفاضة والوداع، طوافا واحد، ويغادر، حتى لو كان عليه سعي بعد الطواف، لان ذلك لا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق فالسعي متعلق بالبيت أيضا.
فوات الحج
ومن أدركه من الحجاج طلوع فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة ولو للحظة، فقد فاته الحج، وانقلب إحرامه عمرة، فيطوف ويسعى ويتحلل، ويقضى من العام القادم، ويذبح هديا في قضاءه، إلا إذا كان قد اشترط فلا هدي عليه ولا قضاء.
الإحصار
ومن منع مانع عن إتمام حجه قبل أن يحرم بالنسك رجع ولاشيء عليه. وإن كان بعد إحرامه وقد اشترط قائلا عند إحرامه (ومحلي حيث حبستني) حل من إحرامه ولبس ثيابه ولاشيء عليه.
وإن لم يكن قد اشترط، فإن حبس عن الحج كله ولا يستطيع أن يصل إلى البيت، ذبح هديا في المكان الذي حصر فيه، أو بعث به إلى الحرم، ثم حلق أو قصر وصار حلالا.
وهذا هو الإحصار، وأصح قولي العلماء أن الحاج يصير محصرا يجوز له تحلل المحصر سواء أحصر بعدو وغيره كالمرض وذهاب النفقة.
¥