تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أركان الإسلام بعد الشهادتين: الصلوات الخمس التي افترضها الله على عبادة في كل يوم وليلة، وجعل استقبال بيته الحرام شرطاً من شروطها.

قال الله تعالى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}، فصلة المسلم ببيت الله الحرام مستمرة في كل يوم وليلة، يستقبله مع القدرة في كل صلاة يصليها، فريضة كانت أو نافلة كما يستقبله في الدعاء ..

ولهذا فإن هذه الصلة الوثيقة التي حصل بها هذا الإرتباط بين قلب المسلم وبيت ربه بصفة مستمرة، تدفع بالمسلم -ولا بد- إلى الرغبة الملحّة في التوجه إلى ذلك البيت العتيق ليمتع بصره بالنظر إليه، وليؤدي الحج الذي افترضه الله عليه إذا استطاع إليه سبيلا.

فالمسلم متى استطاع الحج بادر إليه أداء لهذه الفريضة ورغبة في مشاهدة البيت الذي يستقبله في جميع صلواته .. {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 97]

ولهذا فإنّ الواجب عليك أخي الحاج، أن تحمد الله كثيراً على نعمته العظيمة عليك، بالتوفيق لإداء هذه الطاعة، والقدوم لتحقيق هذه العبادة، والتشرف برؤية بيت الله العتيق، قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن تجتهد في تكميل أعمال الحج على أحسن وجه وأكمل حال دون إخلال أو تقصير، ودون إفراط أو تفريط. بل تكون على هدي قاصد وطريق مستقيم متّبعاً في ذلك رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم، تبتغي بعملك هذا مرضاة ربك ونيل ثوابه ومغفرة الذنوب، ولتعود إلى بلادك بعد هذه الرحلة المباركة وذنبك مغفور، وسعيك مشكور، وعملك صالح متقبّل مبرور، بحياة جديدة صالحة مليئة بالإيمان والاجتهاد في طاعة الله.

إنّ الحج فرصة عظيمة للتزوّد فيه من زاد الآخرة بالتوبة إلى الله، والإنابة إليه والإقبال على طاعته، والسعي في مرضاته.

ومن خلال الحج ومناسكه، يتهيأ للحاج فرص كثيرة لتلقّي الدروس النافعة والعبر المؤثرة، والفوائد الجليلة والثمار الكريمة اليانعة في العقيدة والعبادة والأخلاق، بدءاً بأول عمل من أعمال الحج يقوم به العبد في الميقات، وانتهاءً بآخر عمل من أعمال الحج، بطواف سبعة أشواط يودع فيها الحاج بيت الله الحرام، وهو -بصدق- مدرسة تربوية إيمانية عظيمة، يتخرّج فيها المؤمنون المتّقون،

فيشهدون في حجّهم المنافع العظيمة والدروس المتنوعة والعظات المؤثرة، فتحيى بذلك القلوب ويتقي الإيمان. يقول الله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ. لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ}.

ومنافع الحج لا تحصى، وفوائده لا تستقصى، وعبره ودروسه المستفادة منه لا يحاط بها، وسوف نقف بإذن الله تعالى من خلال هذه الرسالة على جملة طيبة ومجموعة نافعة من الدروس العظيمة والمنافع الجليلة المسفادة من حج بيت الله الحرام، وبالله وحده التوفيق.

الثاني: في بيان جملة من منافع الحج

تقدم الكلام على فضل الحج ورفعة مكانته وأنه من أجلّ العبادات وأعظم القربات، وأنه ركن من أركان الإسلام العظيمة، وأساس من أسسه المتينة التي بها يقوم وعليها بنيانه. وتقدّم الإشارة إلى الحج فيه من الفوائد والمنافع الدينية والدنيوية ما لا يحصيه المحصون ولا يقدر على عده العادون، وفي ذلك يقول الله تعالى في القران الكريم {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ. لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، فالحج مليء بالمنافع العظيمة الدينية والدنيوية، واللام في قوله تعالى: {لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ} هي لام التعليل وهي متعلقة بقوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} الآية، أي: أن تؤذن فيهم بالحج يأتوك مشاة وركباناً لأجل أن يشهدوا -أي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير