المتماثل والمتقارب من أن يكون يأتى طوعا سهلا وتابعا للمعاني وبالضد من ذلك؛ حتى يكون متكلفاً يتبعه المعنى، فإن كان من القسم الأول فهو المحمود الدال على الفصاحة
وحسن البيان، وإن كان من الثاني فهو مذموم مرفوض.
مبحث في طرق معرفة الفواصل القرآنية
ولمعرفة فواصل القرآن الكريم ورؤوس آيه طريقان:
· الطريق الأول: توقيفي سماعي ثابت من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وسماع الصحابة
لها, كفواصل سورة الفاتحة؛ فقد روى أبو داود وغيره عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته آية آية، يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" ثم يقف ثم يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ثم يقف، ثم يقول: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثم يقف، ثم يقول: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، ثم يقف، ثم يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ثم يقف، ثم يقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، ثم يقف، ثم يقول: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} "، وإنما وقف صلى الله عليه وسلم على هذه الكلمات: الرحيم، العالمين، الرحيم، الدين، نستعين، المستقيم، الضالين؛ ليعلم الصحابة أنّ كل كلمة من هذه الكلمات فاصلة، ورأس آية، يصح الوقوف عليها اختيارا .. وهكذا كل ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقف عليه في قراءته دائما نتحقق أنه فاصلة، ورأس آية، ويصح أن نقف عليه حال الاختيار.
وأما ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وصله ولم يقف عليه أبدا فهو غير فاصلة، وغير رأس آية قطعا, فلا ينبغي الوقوف عليه في حال الاختيار.
وفي القرآن العظيم كلمات وقف عليها صلى الله عليه وسلم حينا، ووصلها حينا، وهذه محل نظر العلماء، ومحط اختلافهم؛ لأن وقفه - عليه السلام - عليها في المرة الأولى يحتمل أن يكون لبيان أن هذه الكلمات فواصل، ورؤوس آيات، ويحتمل أن يكون لبيان صحة الوقف عليها، وإن لم تكن فواصل، ووصله - عليه السلام - لها في المرة الثانية يحتمل أن يكون لبيان أنها ليست رؤوس آيات، ويحتمل أنه وصلها - وهي فواصل في الواقع - لأنه وقف عليها في المرة الأولى لتعليم الصحابة أنها فواصل, فلما اطمأنت نفسه إلى معرفتهم إياها في المرة الأولى وصلها في المرة الثانية، ومن هنا نشأ اختلاف علماء الأمصار: المدينة، مكة، الكوفة، البصرة، الشام، في مقدار عدد آي القرآن، وعدد آياتها.
· الطريق الثاني:- لمعرفة الفواصل-: قياسي؛ وهو ما ألحق فيه غير المنصوص عليه
بالمنصوص عليه لعلاقة تقتضي ذلك، وليس في هذا محذور، لأنه لا يترتب عليه زيادة في القرآن، ولا نقص منه، بل قصارى ما فيه تعيين محال الفصل والوصل. [5] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn5)
ذكر بعض فوائد معرفة فواصل الآي
ولمعرفة فواصل الآيات رؤوسها فوائد جمة، ومنافع جليلة، منها:
· تمكين المكلف من الحصول على الأجر الموعود به على قراءة عدد معين من الآيات في الصلاة,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيجب أحدكم إذا رجع إلى أهله وبيته أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان؟ قالوا: نعم، قال: فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان". [6] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn6) ... فإذا لم يكن المكلف عالما بفواصل الآيات رؤوسها ومبدئها ومنتهاها لا يتيسر له إحراز هذا الأجر، والظفر بهذا الثواب. ومن أجل ذلك كان بعض الصحابة يعقدون أصابعهم في الصلاة لمعرفة عدد ما يقرؤون فيها من الآيات رغبة منهم في نيل هذا الأجر، وحرصا على إحراز هذا الثواب.
وممن روى عنه عقد الأصابع في الصلاة ابن عباس وابن عمر وعائشة من الصحابة, وعروة، وعمر بن عبد العزيز من التابعين.
· صحة الصلاة؛ فإن صحتها - في بعض الأوقات - تتوقف على معرفة الفواصل؛ وذلك أن فقهاء
الإسلام- وبخاصة علماء الشافعية- قرروا أن من لم يحفظ الفاتحة - وهي ركن من أركان الصلاة - يتعين عليه أن يأتي بسبع آيات بدلا منها، فإذا كان عالما بالفواصل استطاع أن يأتي بالآيات التي تصح بها صلاته، وإذا لم يكن عالما بالفواصل عجز عن الإتيان بما ذكر.
¥