تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي: " وهو غير صحيح كما بسط في الأوجز (1)، عن كتب فروع المالكية 0 وفي هامش اللامع: والأوجه عندي أن القصر عند الإمام مالك أيضاً للسفر كما صرح في الموطأ إذ قال: الصلاة يوم عرفة إنما هي ظهر، ولكنها قصرت لأجل السفر 0 إ-هـ فهذا نص عنه رضي الله إلا أنه عد الذهاب من مكة إلى منى، ومنها إلى عرفة، ومنها إلى راجعاً إلى المزدلفة ثم إلى منى ثم إلى مكة سفراً واحداً للزومه بالإحرام، ولذلك لا يقصر أهل مكة بمكة، وأهل منى بمنى عنده لأنهم مقيمون في أوطانهم، ولو كان القصر للنسك ليقصرون حجاج مكة ومن في أوطانهم 0إهـ"

(1) حجة الوداع للكاندهلوي ص 101

والمقصود بالأوجز كتاب (أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك) مطبوع.


وهذه العلة – علة النسك - ضعيفة ولا تصح لأسباب كثيرة منها:
- أنها مستنبطة، وعلة السفر منصوصة بالكتاب والسنة، ومن طرق الترجيح عند الأصوليين تقديم العلة المنصوصة على العلة المستنبطة.
- أنها (علة النسك) غير مطردة بخلاف علة السفر فهي في مكة ومنى وعرفة ... الخ
ولذالك حصل تناقض عند بعض المفتين من المعاصرين فقال يقصرون (أهل مكة) في منى ويتمّون في مكة، وكأن منى في محافظة ثانية غير مكة.
- أنّ عمر رضي الله عنه كان يصلّي الظهر بأهل مكة فسلّم من ركعتين ثم قال: " يا أهل مكة أتمّوا صلاتكم فإنا قوم سفر " (1).
(1) أخرجه مالك في الموطأ 1/ 402 كتاب الحج، باب صلاة منى وإسناده صحيح كما في المجموع للنووي 8/ 92، والدراية 1/ 231 والمصنف لعبد الرزاق 2/ 540 رقم 4371، 2/ 540 رقم 4369 0

فلو كان القصر لأجل النسك لما قال لهم ذلك. لأن النسك لا يختلف في مكة أو المشاعر.
ولو كان للنسك أيضاً للزم إعلانه لهم بمنى والمشاعر وهو الخليفة الملهم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا يصح لأهل مكة أن يخالفوا عمر رضي الله عنه في المشاعر ويتمّون فدل على أنهم قصروا في المشاعر لأجل علة السفر لا للنسك، ولمّا كانوا بمكة
(مقيمين) أتمّوا.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وهو الصواب وهو أنهم قصروا لأجل سفرهم، ولهذا لم يكونوا يقصرون بمكة، وكانوا محرمين والقصر معلّق بالسفر وجوداً وعدماً، ولا تعلّق له بالنسك، ولا مسوّغ لقصر أهل مكة بعرفة إلا أنهم في سفر ". (1)
(1) مجموع الفتاوى 17/ 479

وقال ابن القيم رحمه الله: " ولا تأثير للنسك في قصر الصلاة البتة، إنما التأثير لما جعله الله سبباً وهو السفر، هذا مقتضى السنة، ولا وجه لما ذهب إليه المحددون ". (2)
(2) زاد المعاد 2/ 235

- أنها حادثة لم أجد لها ذكرا في عصر الصحابة والتابعين، فلا ينبغي الالتفات إليها.
ولا يصح أن نترك علة نص عليه القرآن في قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} (2) سورة النساء آية 100

0قلت هذه العلّة (علة النسك) علل بها أصحاب المذاهب الفقهية خوفا من التناقض الوارد على قواعدهم في تحديد قصر الصلاة في السفر بالمسافة عللوا ذلك بالنسك فقالوا بقصر الصلاة لأجل النسك ونسبوها للإمام مالك رحمه الله، وهي علة عليلة يبرأ منها الأمام مالك فإنه نص في الموطأ على أن علة قصر الصلاة هي السفر كما حقق ذلك العلامة محمد زكريا الكاندهلوي وقد سبق كلامه.
- أن العلة لوكانت للنسك لكانت في العمرة أيضاً ولا قائل به 0 ولا فرق بين الحج والعمرة للمسافر في قصر الصلاة.فلماذا فرق بينه وبين المكي في العمرة وهما نسكان.فبطل القول بأن العلة للنسك 0 والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير