تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمتي رحمة للناس».

وقال ملا علي القاري: إن السيوطي قال: أخرجه نصر المقدسيّ في «الحجة» والبيهقي في «الرسالة الأشعرية» بغير سند، ورواه الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم، ولعله خرّج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا.

ونقل السيوطي عن عمر بن عبدالعزيز أنه كان يقول: «ما سرني أن أصحاب محمد ^ لم يختلفوا؛ لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة».

وأخرج الخطيب أن هارون الرشيد قال لمالك بن أنس: يا أبا عبدالله! نكتب هذه الكتب -يعني: مؤلفات الإمام مالك- ونفرقها في آفاق الإسلام لنحمل عليها الأمة. قال: «يا أمير المؤمنين! إن اختلاف العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمة، كل يتبع ما صح عنده، وكلهم على هدى، وكل يريد الله تعالى». وتمامه في «كشف الخفاء ومزيل الإلباس» ([25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn25)).

وللاختلاف أسبابه المشروعة في الفقه، ولهذا اعتبر العلماء معرفة الاختلاف ضرورية للفقيه حتى يتسع صدره وينفسح فقهه.

فقد قال قتادة /: «من لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه الفقه» ([26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn26)).

وعن هشام بن عبيد الله الرازي /: «من لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه» ([27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn27)).

وعن عطاء /: «لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس، حتى يكون عالمًا باختلاف الناس» ([28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn28)).

وقال يحيى بن سلام /: «لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي، ولا يجوز لمن لا يعلم الأقاويل أن يقول: هذا أحب إليّ» ([29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn29)).

إلى غير ذلك من الأقوال، ويراجع الشاطبي في «الموافقات»، فقد عدَّ معرفة الاختلاف من المزايا التي على المجتهد أن يتصف بها ([30] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn30)).

إذا تقرر ما تقدم من جواز الاختلاف بين أهل الحق، فاعلم أن هذا الاختلاف قد يكون سببًا للتيسير والتسهيل، والتيسير مقصد من مقاصد الشريعة بنص الكتاب والسنة، كما مر عن الشاطبي وغيره.

وبناءً عليه: يوجد في المذاهب كلها العدول عن القول الراجح إلى قول مرجوح، لجلب مصلحة ترجحت، أو درء مفسدة، أو دفع مشقة عرضت.

ولهذا تقرر عند المالكية تقديم القول الضعيف الذي جرى به العمل على القول الراجح في زمن من الأزمنة أو مكان من الأمكنة لتبدل عرف أو عروض جلب مصلحة أو درء مفسدة، فيرتبط العمل بالموجب وجودًا أو عدمًا، كما يقول شارح التحفة. وبنوا على ذلك مئات المسائل.

وقال ابن عابدين كذلك بجواز الإفتاء بالضعيف للضرورة، وذكر أبياتًا في ذلك:

ولا يجوز بالضعيف العمل

ولا به يجاب من جا يسأل

إلا لعامل له ضروره

أو من له معرفة مشهوره

ومعنى ذلك: أن مقصد التيسير يرجح القول الضعيف فيتعين العمل به لعروض المشقة، فمعادلة المقصد الكلي بالنص الجزئي مؤثرة في الفتوى على مدار الأزمنة.

يقول ابن القيم / في تغير الأحكام بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال: «هذا فصل عظيم النفع جدًّا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة، أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يُعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالّة عليه وعلى صدق رسوله ^» ([31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn31)).

وتغير الزمان المشار إليه هو تغير أحوال الناس، فالحجيج الذين كانوا يعدون بالآلاف أصبحوا يعدون بالملايين، والأنفس القليلة التي كانت تموت في موسم الحج أصبحت تعد بالمئات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير