تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من هذه البلايا خرج الصادقون بصدقهم، من هذه البلايا خرج الموقنون والمحسنون بثباتهم، أي شيء تشتكيه هل قرأت أو رأيت أو نظرت ما مر بسلفك الصالح، ليتك تعلم هذه الكتب التي بين يديك، وهذه الحروف التي سطرت أمام عينيك، ليتك تعلم كيف سطرت؟! ومن الذي سطرها؟! وما الذي رآه من الشدائد والأهوال حتى إن الواحد منهم كان غريبا عن أهله غريبا عن وطنه لكي يحفظ حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي بين يديك، وكان الرجل منهم ينزوي عن الدنيا وفتنها ومحنها لكي يبلغك آية أو حديثا أو حكما شرعيا، فيا لله، من أمة رأت في طلبها للعلم الشدائد بحق، كان الرجل منهم يرى الموت أمام عينيه، ولربما وجد الشدائد في نفسه وفي حاله، أما أنت اليوم فآكل شارب، آمن في سربك، معافا في بدنك، عندك قوت يومك.

أخي في الله في أي لحظة تستطيع أن تضيء المصباح فيشع بيتك نورا، وكان السلف يضيء الواحد منهم الفتيلة أو يشعل الشعلة فلا يجد إلا ما يكتب به الكلمة أو الكلمتين ثم تنطفئ، ثم من الذي يجد هذه الشعلة، وأنت اليوم تخط بالأقلام الملونة وتفعل ما تشاء والصحف بين يديك وكان الرجل منهم لا يجد مدادا يمد به قلمه حتى يكتب.

أخي في الله أي نعمة ترفل فيها، وأي منة تجدها حتى إن العلم أصبح بين يديك نائما على فراشك، تستمع إلى مسجلك فتسمع الأحاديث والعلوم، وتسمع ما لم يخطر لك على بال، أي نعمة ستقف بين يدي الله وتحاسب عنها.

يا طالب العلم دع الهموم عنك جانباوانظر إلى سعة رحمة الله عليك وفضله وجميل منته لديك، واعقد العزم، وتوكل على الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.

اترك عنك هذا التخاذل والتباطل والضعف، واعلم أنه إن نزلت بك بلايا لن تساوي شيئا مما مر بالأولين، وأنها إذا نزلت بك لن تكون شيئا أمام الأنبياء والصديقين، فارفع نفسك إلى تلك الصفوة المجتباة، واعقد العزم على أن تثبت في هذه الفتن وهذه المحن، وتستمر في كتابة العلم وطلب العلم وتصبر على همك وغمك لعل الله أن يجعل لك فرجا ومخرجا.

والله، ثم والله، لن ترى في هذا العلم إلا ما تقر به عينك في دينك ودنياك وأخراك إن صدقت مع الله، وصبرت واحتسبت الأجر عند الله، فإن هذا العلم عواقبه حميدة، ونهاياته كريمة، ونسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل.

أوصيك أخي في الله:

أولا: أن تكثر من تلاوة القرآن مع التدبر، فإنها تقوي القلوب في الفتن والمحن؛ خاصة في طلب العلم، وتجعل لك وردا من الليل لا تتركه.

ثانيا: أن تكثر من الدعاء أن الله يثبتك على طاعته، وأن يصرف عنك الفتن ما ظهر منها وما بطن.

ثالثا: استشعار نعمة الله عليك، تحس أنك أسعد الناس، من هذا الذي جلس بين يديك فجلس بين يديك كتاب من كتب مشايخ الإسلام وأئمة الإسلام بين يديك، كتب يجدها في أي ساعة يأخذ كتاب من شاء من هؤلاء العلماء، فاحمد نعمة الله عز وجل عليك، وحس أنك في نعمة عظيمة، المشكلة قل أن تجد طالب علم يشكر نعمة الله عليه اليوم، وتجد الواحد منهم يقول نريد الشيخ أن يجلس معنا أربعاً وعشرين ساعة وهو لا يستطيع أن يشكر حتى لو جلس معه الشيخ ربع ساعة قل أن يقوم من مجلس فيقول: الحمد لله والشكر لله على هذه الربع ساعة، إن الله تأذن بالزيادة لمن شكر، فاشكر الله حتى يبارك الله لك، واعرف نعمة الله عز وجل عليك إذا خطت يدك أو سمعت أذنك أو نظرت عينك حتى تحس أنك في نعمة فتحافظ عليها، وإياك وأن تخذل أو تضعف، وأكثر من الدعاء، وصحبة الصالحين، وقراءة سيرة العلماء العاملين.

نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يصرف عنا وعنكم الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نسألك إيمانا كاملا، ويقينا صادقا، وعلما نافعا، اللهم خذ بنواصينا إلى ما يرضيك عنا، اللهم خذ بنواصينا إلى ما يرضيك عنا، اللهم وفقنا لما تحب وترضى، وألهمنا البر والتقوى، واجعلنا من أئمة الهدى، والموفقين للرضى، يا من جل وعلا، لا إله إلا أنت سبحان ربك رب العزة عما يصفون، والحمد لله رب العالمين.

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 09:35 ص]ـ

قال الإمام المصنف رحمه الله تعالى: [باب دخول مكة]:

الشرح:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير