تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ويدعو في سائره بما أحب]: ويدعو في سائر الطواف بما أحب فليس بملزم بدعاء معين؛ والأفضل أن يأتسي بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويتخير جوامع الدعاء من جوامع كلمه -عليه الصلاة والسلام- ومن ذلك قوله بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه كما في الصحيح: ((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)) ومن أعطاه الله هذه الخمس فقد فاز فوزا عظيما.

أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر، فهذا أسعد الناس من أعطاه الله هذه الدعوة: سلامة في دينه وفي دنياه وفي آخرته، فهذا من جوامع كلمه ومن جوامع دعائه -صلوات الله وسلامه عليه- يدعو بالوارد أفضل؛ لأنه إذا دعا بالوارد أصابته الرحمة والهداية كما قال تعالى: {واتبعوه لعلكم تهتدون}، والذين يتبعون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الأمي لاشك أنهم تصيبهم الرحمة التي وعد الله بها أتباعه -صلوات الله وسلامه عليه- فيأتسي بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويحفظ الأدعية الجامعة، يحرص على دعاء الآخرة، ويجعل الآخرة أكبر همه ومبلغ علمه وغاية رغبته وسؤله، ويدعو في الدنيا بما يعينه على صلاح دينه، ويجعل هذا هو الأساس، وإنك لتعجب أن البعض لا يعرف كيف يسأل ربه -نسأل الله السلامة والعافية- حتى يذهب ويأتي بمن يدعو له، ثم يجلس يصيح وراءه بكلام لا يعرف معناه، ولربما يردد يأخذ الكتب التي جعلت فيها الأدعية غير الواردة، فإن البعض يخصص لكل شوط دعاء، وهذا لم يثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهذا منكر أن تجعل لكل شوط دعاء ويقال للناس إن هذا مسنون ومشروع، فهذه الكتب التي تخصص لكل شوط دعاء ينبغي التنبيه على خطئها وتنبيه الناس، ويقال لمثل هؤلاء: هل تعجز أن تسأل الله صلاح دينك ودنياك! يا هذا لو أنك طفت بالبيت تقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة لكان ذلك خير الدنيا والآخرة لك، ثم من هذا الذي عجز حتى كيف يسأل ربه فتجده لا يعرف كيف يسأل الله عز وجل العفو والعافية؟! يبدأ بنفسه أولا، فيسأل الله صلاح دينه، ويستعيذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلاح الدين في تحصيل الفرائض وترك المحارم، فيسأل الله التقوى والاعتصام بالدين، ثم يسأل الله السلامة من المنكرات من الشبهات والشهوات، وأن يسلم له دينه وأن يعصمه في دينه كما كان ابن عمر يقول: ((اللهم إني أسألك العصمة في ديني)) فيسأل الله العصمة في دينه، ثم يسأل الله الزيادة في الدين والخير من التمسك بالكتاب والسنة والاهتداء بهما وأن يحبب كتابه إليه وكلامه إليه، وأن يجعله مهتديا باتباع سبيله ودينه وشرعه، واتباع رسله -صلوات الله وسلامه عليهم- يسأل الله هذا، ثم إذا انتهى من دنياه فلينظر إلى ما أمامه من الآخرة، فيسأل الله أن يعيذه من القبر وأن يعيذه من فتن القبر ومن عذاب القبر ثم يتقدم إلى الآخرة فيسأل الله عز وجل أن يسلمه من أهوالها ومن شدائدها وأن يسلمه على الصراط وأن يسلمه واقفا بين يديه حافيا عاريا، ثم بعد ذلك يسأل الله الدرجات العلى في الجنة، فهذا كله لا يعجز الإنسان.

أما أن يأخذ كتابا فيقرأه ولا يعرف ما معناه، ولا يعرف معنى الأدعية، أو يأتي برجل ينعق ويصيح، ومن المنكرات رفع الصوت بهذه الأدعية فتجد الخمسين والثلاثين يأتون في المطاف وكأنه لا يجد في حرم الله غيرهم، ثم يصيحون بصياح شديد، يشوش على الراكع وعلى الساجد وعلى الطائف بالبيت، كل هذه من البدع، وفيها إثم كبير أن الذي يرفع صوته بهذه الطريقة التي تشوش على الراكعين والساجدين، والله، لقد سمعت أقواما يسعون بين الصفا والمروة ما استطعت أن أصلي وأنا في رواق البيت، فكيف بالذي يطوف بجواره، فهذا بعضهم لماّ يأتي ويدعو ويدعون وراءه إذا بهم يدعون بقوة ويصيحون بقوة؛ والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: ((اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا)) سبحانه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير