تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، والوسطى، كلها مواضع يتحراها المسلم ويحرص فيها على أن يسأل ربه حاجته وخير دينه ودنياه وآخرته، فيكثر من الدعاء والإلحاح على الله عز وجل وسؤاله.

قال بعض العلماء: إن الصفا والمروة كما نص ابن عباس -رضي الله عنهما- جعلها الله سنة بفعل هاجر، فهاجر سعت بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وهاجر سعت سعي المكروب المنكوب المفجوع المفزوع، فهي ترى ولدها بين الحياة والموت، وسألت ربها أن يفرّج كربها فجاءت تسعى تأخذ بالسبب، فسعت في هذا الموضع السبعة الأشواط ولكنها كانت مؤمنة بالله موقنة بالله كيف وهي وديعة عند الله عز وجل، استودعها الخليل ربه فكيف يضيع الله وديعته حاشا وكلا لأن الله لا تضيع ودائعه؛ ولذلك قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه)) فالله عز وجل لا تضيع ودائعه سبحانه وتعالى، فلما سعت هذه السبعة الأشواط أبى الله أن يجعل تفريج كربها إلا من تحت قدم ابنها، ولا يأتي أحد يصب لها الماء يتمنن عليها، فانظر رحمك الله، فياليت كل مكروب ومنكوب يستشعر هذا، وكيف أن الله فرج كربة هذه المرأة، ثم انظر كيف أنها امرأة والمرأة أضعف من الرجل وهي من الضعفة؛ كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((إني أحرج حق الضعيفين كما في صحيح البخاري المرأة واليتيم)) فهي من الضعفاء، جاء المثال في ضعيفة ومكروبة ومنكوبة لكي يعلم أن من دعا الله بصدق في هذه المواضع أن الله لا يخيبه، فجعل الله عز وجل تفريج كربها من تحت قدم ولدها، وجعلها زمزم الماء الذي لا ينضب والمعين الصافي الذي لا تكدره الدلاء من عظمة الله عز وجل وهذا كله يدل على أن من سأل الله بصدق وصدق مع الله في هذه المواطن أنه لا يخيبه في رجائه، جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل.

قال رحمه الله: [ثم ينزل فيمشي إلى العلم]: ثم ينزل من الصفا ويمشي قاصدا إلى المروة، ويمشي حتى يصل إلى العلم وهو بداية الوادي بين الجبلين، فإذا وصل إلى الوادي وانصبت قدماه في الوادي فإنه يسعى شديدا؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سعى شديدا حتى دار إزاره على ركبته -بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه- وهو يقول: ((أيها الناس إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا)) فيسعى شديدا، وهذه هي السنة، وأثر عن عبدالله بن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه لما خب وسعى بين العلمين كان يقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، واستحبه بعض العلماء؛ لأنه مأثور عن هذا الصحابي من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورضي الله عنهم أجمعين.

قال رحمه الله: [ثم يسعى إلى العلم الآخر]: ثم يسعى إلى العلم الآخر يسعى بشدة، والسعي هنا أشد من السعي في الرمل في الطواف.

ثانيا أن هذا السعي للرجال دون النساء، وكذلك الرمل في الطواف بالبيت للرجال دون النساء، قال ابن عمر رضي الله عنهما: ليس على النساء رمل، فدل على أن المرأة لا تهرول؛ لأنها إذا هرولت انكشفت، فهذا يدل على تعاطي الأسباب بالستر، فالمرأة لا تهرول في سعيها بين الصفا والمروة، هذا الموضع مأمور بالسعي، وهذا معنى قوله: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} يعني بينهما فالباء للظرفية، وهذا أحد معاني الباء المشهورة:

تعد لصوقاً واستعن بتسبب وبدل صحابا قابلوك بالاستعلا

وزاد بعضهم ظرفا: فهي للظرفية أن يطوف بهما يعني بينهما أي بين الصفا والمروة، وهذا الموضع واجب تحصيله، ولذلك لو انحرف عنه ولم يحصله لم يصح السعي ولم يعتد بذلك الشوط.

قال رحمه الله: [ثم يمشي حتى يأتي المروة فيفعل كفعله على الصفا]: فإذا رقى المروة فعل عليها كما فعل على الصفا، يستقبل البيت والآن يتعذر رؤية البيت؛ لأنه لا يمكنه رؤية البيت فيقتصر على الاستقبال، ثم يرفع يديه ويكبر ثلاثا ويهلل مرتين ويدعو على الصفة التي ذكرناها يفعل على الصفا مثل ما فعل على المروة؛ لأن جابرا 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال ثم فعل على المروة مثل ما فعل على الصفا.

قال رحمه الله: [ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه]: ثم ينزل ويمشي في موضع مشيه على هذا بيّن المصنف -رحمه الله- أمورا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير