تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التعجل أنه لابد أن يخرج من منى، ولم يُلتفت إلى قضية العذر، وإلا لو كان العذر أنه في الزحام ليس بمتعجل لكان الذي يكون مريضا ولا يستطيع أن يخرج ثم يستطيع بعد المغرب أنه يجوز له أن يتعجل ونحو ذلك من الأعذار والذي يَنْسى أن يخرج ثم يتذكر بعد غروب الشمس فليخرج لأنه عنده عذر؛ إذا ينفتح باب لا يمكن إغلاقه، وعلى هذا لابد من الرجوع إلى الصفة الواردة في القرآن، عليك أن تتأمل أنه تعجل وهذا يقتضي أنه استنفذ الأسباب والوسائل فمن وجدنا هذه الصفة فيه التي نص عليها الكتاب ونص الله عليها في كتابه فإننا نقول: إنه متعجل، ومن وجدناه بمنى داخل منى برحله ولو كان على سيارته ولو كان عليها متاعه ولو كان معه الركب فإنه لم يتعجل حقيقة.

قال رحمه الله: [فإن غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت بمنى]: هذا نصوص العلماء لزمه المبيت لم يفرقوا بين المعذور وغير المعذور، لم يفرقوا بين كونه جمع رحله ولم يجمع رحله، إنما قالوا إذا غربت عليه الشمس ولم يخرج من منى وجب عليه أن يبيت، وعلى هذا لا مجال للاجتهاد مع ظاهر النص الذي ذكرناه، أنه لابد أن يتعجل حقيقة، فإذا خرج وحصل منه التعجل حقيقة سقط عنه أمران: الأمر الأول مبيت ليلة الثالث عشر، والثاني الرمي لذلك اليوم، وهو رمي الثلاث الجمرات، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يتعجل وإنما تأخر، ولذلك قالوا أخذ في منسكه بالأكمل، واختلف العلماء على وجهين: هل الأخذ بالرخصة أفضل أو أنه يأخذ بفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ وإذا تبين هذا فالتعجل رخصة من الله عز وجل إذا تحقق فيه الشرط الأول وهو التعجل فلا إشكال، يبقى الشرط الثاني وهو قوله تعالى: {لمن اتقى} والتقوى قالوا: أن يخرج من منى متعجلا لا يقصد السآمة ولا يقصد الكراهية للمبيت أي متقيا لله عز وجل باتباع الرخصة والسماحة واليسر وليس نفورا من الطاعة -والعياذ بالله - وكراهية لها كما يفعله البعض نسأل الله السلامة والعافية فإنه يتعجل؛ لأنه ضائق ومتضائق من حاله في الحج، والمحروم من حرم، فالحج لاشك أنه عبادة تنشرح فيها الصدور وتطمئن فيها القلوب والمؤمن ولي الله المتقي يسعد وهو بين إخوانه في ذكر الله وشكره، ويسعد حينما يكون بين وفود الله والضيوف على الله عز وجل كما بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن الغازي والحاج والمعتمر وفد الله، فإذا خرج بالنية الصالحة وهي أنه يريد رخصة الله عز وجل وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((عليكم برخص الله التي رخص لكم)) ويريد السعة والتيسير من الله ويريد سماحة الإسلام ويسر الإسلام فلا إشكال، أما أن يخرج كارها -والعياذ بالله- للمبيت، كارها للرمي به الملل والسآمة فهذا لم يتق الله عز وجل إذا لابد من الأمرين: أن يتعجل وأن يكون تعجله على التقوى لا على غيرها.

قال رحمه الله: [فإن غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت بمنى والرمي من غد]: فإن غربت الشمس وهو بمنى هذا اليوم يقع الرمي فيه والتعجل قبل غروب الشمس، والرمي لابد فيه من بعد الزوال، وهذا مذهب جمهور العلماء -رحمهم الله- أن الرمي لا يصح قبل الزوال حتى في يوم النفر، وجاء حديث ضعيف وأثر عن ابن عباس –رضي الله عنهما - أيضا وفيه كلام أنه قال: ((إذا كان يوم النفر وانتفخ النهار فارم وامض)) فقوله: ((إذا كان انتفخ النهار)) أخذ منه بعض الفقهاء أن يوم التعجل يجوز الرمي فيه قبل الزوال، وهذا مذهب ضعيف:

أولا: لأن السنة الصحيحة في حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- أثبتت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما رمى الجمرات كلها إلا بعد زوال الشمس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير