تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما ثانيا: فإن سند الحديث الذي احتجوا به ضعيف، ولا يقوى على معارضة ما هو صحيح ولا يثبت بمثله الحكم، فإن قيل بتحسينه فإن الجواب عنه بأن هذا الذي استدلوا به حجة لنا لا علينا؛ لأن قوله: ((انتفخ النهار)) العرب تقول: انتفخ الشيء إذا قارب الأكثر؛ لأن الشيء فيه نصفه الذي يفصل يعني إذا كان ما دون النصف فهو قليل، وما كان فوق النصف فهو كثير، وما كان نصفا تساوى فيه الأمران، فمتى يكون الترجح يكون عند مجاوزة النصف، والعرب تستخدم أساليب كثيرة، فإذا جاءت في شيء تريد أكمله وأكثره جاءت بصفة تقتضي الزيادة. فقوله ((انتفخ النهار)) لم يقل إذا طلع النهار فلو كان المراد منه بداية النهار لقال إذا طلع النهار لكن قال إذا انتفخ ولا ينتفخ إلا إذا كان امتلاؤه بحجم معتبر، والحجم المعتبر أن يستتم أو يكون قريبا من التمام بمجاوزة النصف؛ وعلى هذا يكون انتفاخ النهار حينما يجاوز شطره وهو منتصف اليوم، وهذا هو الذي جاءت به السنة، وحينئذ ما جاء من الآثار محتملة للوجهين: الوجه الذي يعارض السنة المرفوعة، والوجه الذي لا يعارض، وجب صرفه على الوجه الذي لا يعارض؛ وعليه فقد صحت السنة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأنه رمى بعد زوال الشمس فلا وجه لمعارضتها بما هو أضعف.

ثانيا: النظر الصحيح، فإن رمي جمرة العقبة عبادة مؤقتة، ولذلك كل العلماء حتى بعض السلف الذين يقول بجواز الرمي قبل الزوال لو سألناهم عن الرمي رمي الجمرة قبل طلوع النهار؟ قالوا: ما يجوز. نقول لماذا؟ قالوا لأنها عبادة مؤقتة، نقول: إذا تسلمون أنها عبادة مؤقتة. يقولون: نعم نقول هذه العبادة المؤقتة لا يجوز فعلها قبل الزوال كما لا يجوز فعل صلاة الظهر قبل الزوال، كما أُقتت صلاة الظهر بالزوال أقت رمي الجمار من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالزوال؛ لأنه لا معنى أن يعطل مائة ألف نفس معه عليه الصلاة والسلام ويحبسهم نصف يوم كامل لكي يزدحموا في نصف نهار وهم مائة ألف أحوج ما يكونون أن يرموا من قبل الزوال لا معنى لذلك إلا أن نصف النهار معتبر، ثم إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في اليوم الثاني عشر وهو يعلم أن الناس تتعجل، وأن لهم رخصة في التعجل لم يرم في ذلك اليوم إلا بعد منتصف النهار، ما معنى هذا كله؟ ‍‍‍! أما مسألة موت الناس في الزحام فهذه مسألة أعطيت أكبر من حجمها أولا أن هذه الملايين التي تحضر وهي في حفظ الله ورحمته وتيسيره ومنه وكرمه تعيش هذه الأيام والأجواء الروحانية فتجدهم في نعمة وفي رخاء وفي ذكر وفي شكر، يتوب المذنبون ويصلح الفاسدون ويقبل المدبرون، فتتغير أحوالهم، حتى إن العصاة المذنبين الذين أتعبوا مجتمعاتهم وأقلقوا أهليهم وذويهم وأقلقوا الناس تصلح أحوالهم في هذه المنازل الشريفة وفي هذه العبادة العظيمة كل مآثر الإسلام في هذه لا يلتفت إليها، بمجرد ما يموت حاج أو حاجين تجد أعداء الإسلام يصيحون في الشرق والغرب، أمن شفقتهم على حجاج بيت الله؟! كذبوا. هل هم من رحمتهم لحجاج بيت الله؟! إنما المراد التشويه والمراد الحسد على هذه النعمة التي أنعم الله - U- بها على المسلمين وأنعم بها على هذا البلد المبارك في رعاية حجاج بيت الله والقيام عليهم، لا يلتفتون إلا للشيء الذي يجدون فيه مطعنا في الإسلام والمسلمين، فتجدهم كالذباب لا يسقطون إلا على القذر، ثم أمر عجيب تجدهم يفعلون في مواسمهم كما نقول في مبارياتهم ومشاهدهم يموت مئات الأنفس من السكارى ومن غيرهم لا أحد يتكلم ولا أحد يشوش ولا أحد يرجف، لكن إذا جاء هؤلاء العباد وجاءوا في طاعتهم وفي قربتهم لله عز وجل التي يتمنى الإنسان أن تحسن خاتمته يقول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا)). قال العلماء: موت الإنسان في الحج من علامة حسن الخاتمة. فالشاهد من هذا هذا كله لا يلتفت إليه فهم يموتون في السحيق وفي البلاء وفي الأمور التي تُشين -والعياذ بالله- هذه لا يشوه لكن أن يؤتى بعشرة بعشرين بمائة من بين مليونين نسبة لا يلتفت إليه، وإذا بالدنيا تقوم وتقعد، على الأعداء أن يقوموا ويقعدوا لكن أن يأتي من طلبة العلم، وأن يأتي من يتتبع الرخص لكي يقول إن هذا سببه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير