تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ثم يأتي مكة ويطوف ويسعى ويحلق أو يقصر]: ثم يأتي مكة فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر هذا إذا كان اعتمر عمرته من التنعيم يعني يأتي بالعمرة بعد الحج إذا وجد لها موجب كما ذكرنا. أما إذا كان قد اعتمر قبل حجه في رمضان أو في الأيام الماضية يؤدي حجه ثم يمكث في مكة للعبادة؛ لأن المكث في مكة للعبادة أفضل من الإتيان بالعمرة؛ ولذلك قال هذه الخطوات التي يخرج بها إلى التنعيم أو إلى الحل من أجل أن يأتي بها للعمرة الأفضل أن يستنفذها بالطواف بالبيت؛ لأن العمرة شرعت لزيارة البيت، فحينئذ لا يترك الأفضل للمفضول، ولا يترك المقصد للوسيلة؛ وعليه أن يبقى بمكة ويتعبد الله عز وجل وأن يصيب فضل الصلوات بها وفضل الطواف حتى شدد بعض السلف في خروج المكي للعمرة وقال عطاء وغيره: هؤلاء الذين يذهبون إلى التنعيم لا أدري أيؤجرون أم لا يؤجرون، حتى ذكر قال إذا ذهب إلى التنعيم فأكثر من ثلاثة أميال وهذه فيها ما لا يقل عن كذا طوفة بالبيت يعني هذه الخطوات التي يمشيها إلى التنعيم لو أنه طاف لحصل بها الدرجات العلى؛ وعلى هذا فإنه يقتصر على بقائه بمكة، ويستكثر من الطواف إن كان جالسا بعد حجه.

أما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فإنه لما أتم حجه ونزل بالمحصّب وهو البطحاء والأبطح عند الخيف خيف بني كنانة وخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر، وهذا الموضع هو الذي اجتمعت فيه قريش على أذية النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأذية بني عبد المطلب، وحوصروا حصار الشعب المعروف، فلما قيل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أين تنزل غدا؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع، سننزل بالخيف خيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر، وهذا الموضع من طرف قبور المعلاة والأبطح والبطحاء والمحصِّب الأبطح هو المسيل مسيل الوادي؛ لأن هذا مجرى الوادي الذي ينصبّ على جهة الحرم بين الصفا والمروة؛ لأن الحرم في مجرى وادي {إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع} فالحرم في مجرى الوادي، وهذا الوادي ينصب من أعلى مكة من جهة القبور حتى ينزل على جهة الأسواق الموجودة فوق الصفا، ثم ينزل بين الصفا والمروة على البيت، فهذا المسيل من جهة قبور المعلاة كان في القديم طبعا مجرى وادي عليه الحصباء فيقال المحصِّب ويقال له البطحاء؛ لأنها أرض منبطحة ومستوية والعرب تسمي مثل هذا بالأبطح والبطحاء. قال الشاعر:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأتَه والبيت يعرفه والحل والحرم.

فالبطحاء هو هذا الموضع وهو منزل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من جهة القصور القديمة نزل عليه الصلاة والسلام في هذا الموضع، فبعد أن انتهى من رمي جمرة العقبة نزل هناك، وهذا النزول ليس من النسك وليس من تمام الحج، وهي المسألة التي يعبر عنها العلماء بالتحصيب، فيقولون التحصيب ليس بلازم وليس بشعيرة وليس بمنسك أي أن فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل رفق، نزل فيه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أرفق له، وهذا هو منزله وليس من تمام الحج ولا من نسكه ولا من شعائره. فالمقصود أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نزل بالمحصب، واختلفت الرواية قيل إنه في هزيع الليل، وقيل بعد منتصف الليل على الفجر نزل فطاف طواف الوداع، ثم صدر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام قبل أذان الفجر، وهذا هو المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام في السير والذي ذكره العلماء والأئمة.

قال رحمه الله: [فإن لم يكن له شعر استحب أن يُمِرّ الموسى على رأسه وقد تم حجه وعمرته]: طبعا هو إذا تحلل بالحج وأراد أن يأتي بالعمرة بعد الحج على ما ذكر المصنف فإذا كان حلق في حجه ففي هذه الحالة ما يجد شعراً لأن ثلاثة أيام الفاصل وقد تقل إذا تعجل فما يجد شعرا إلا قليلا على قرب منبته فقال: إنه يمر الموس، فهذا راجع إلى مسألة: إذا لم يكن هناك شعر فهل يعتد بالفعل أو لا يعتد؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير