تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

)).

وذهب طائفة من العلماء إلى عدم الوجوب وقالوا إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال في الحديث الصحيح: ((إنما ضحى بكبشين أملحين قال في أحدهما: ((اللهم هذا عن محمد وآل محمد، وقال في الثانية: عمن لم يضح من أمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -)) فقالوا إن هذا يدل على أن الأضحية ليست بواجبة.

وقد أجيب عن هذا الاستدلال بأن قوله: ((عمن لم يضح ... )) يحتمل أن يكون المراد به من عجز ولم يقدر فجبر الله له ذلك العجز وبلغه بفضله سبحانه وتعالى وكرمه على أمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بهذا الفضل، فالحديث محتمل، ومن هنا لا يقوى على صرف الأمر عن ظاهره، وهذا لاشك أنه أقوى القولين وأحوطهما. ولما سئل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما وأرضاهما- فسأله رجل عن الأضحية. وقال: يا أبا عبد الرحمن أواجبة هي؟ فقال له رضي الله عنه وأرضاه: ((ضحى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبوبكر وعمر وعثمان)). فرد عليه وقال: يا أبا عبد الرحمن الأضحية واجبة؟ فرد عليه وقال: ((ضحى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبوبكر وعمر وعثمان)). فلما كانت الثالثة وسأله قال له أتعقل؟! ضحى رسول الله يعني من يترك هذا الشيء الذي فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله الخلفاء الراشدون المهديون من بعده، وهذا والله هو الفقه في حمل الناس على السنة، وترغيبهم فيها وحثهم عليها رضي الله عنه وأرضاه.

وبيّن رحمه الله أن الأضحية تجب بالنذر فإن قيل بعدم وجوبها في أصل الشرع فإنها تجب بالنذر. وصورة ذلك: أن يقول: لله علي أن أضحي هذا العام؛ فحينئذ إذا قلنا إن الأضحية ليست بواجبة فإنه يجب عليه أن يفي بنذره إذا كان مستطيعا.

كونه يقول: سنة: السنة من هدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقد أهدى عليه الصلاة والسلام كما ذكرنا إلى البيت، وتطوع في هديه، فجمع بين الهدي الواجب والهدي المسنون، ولذلك نحر بأبي وأمي -صلوات الله وسلامه عليه- ثلاثا وستين بدنة في حجة الوداع، وأمر عليا 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن ينحر ما بقي من الإبل تمام المائة، وهذا يدل على أنه يجوز ويشرع أن يهدي الإنسان للبيت. فالواجب عليه -عليه الصلاة والسلام- الدم الذي ساقه معه، وأما ما زاد على ذلك فإنه سنة، ومن هنا قالوا إن الهدي سنة.

وأما الأضحية سنة بقوله -عليه الصلاة والسلام- وفعله أما قوله فأحاديث منها قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح أخرى مكانها)) وقوله -عليه الصلاة والسلام- حينما سأله أبو بردة -رضي الله عنه وأرضاه- قال له عليه الصلاة والسلام: ((تجَزيك ولا تَجزي غيرك)) وكذلك أيضا الفعل حيث إنه عليه الصلاة والسلام فعل الأضحية، فضحى عليه الصلاة والسلام بنفسه، وتولى الأضحية بنفسه -صلوات الله وسلامه عليه-.

قال رحمه الله: [والتضحية أفضل من الصدقة بثمنها]: إذا كان عند الإنسان مال يكفيه لشراء أضحية سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم فهل الأفضل أن يتصدق بهذا المال أو الأفضل أن يضحي؟ هذا مبني على أن الأضحية غير واجبة. أما إذا قلنا إنها واجبة فلا إشكال؛ لأن التصدق نافلة والتضحية واجبة، والواجب أفضل من غير الواجب بإجماع العلماء؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((يقول الله تعالى في الحديث القدسي ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))، وأجمع العلماء على أن الواجبات أفضل من غير الواجب، فلو صلى ركعتي الفجر فإنها بالإجماع أفضل من كل ركعتين من النوافل، إذا ثبت هذا الكلام عند المصنف -رحمه الله- والخلاف في هذه المسألة مبني على القول بعدم وجوب الأضحية، فهل الأفضل أن يتصدق بالثمن أو يضحي؟ هذا راجع إلى مسألة المفاضلة والمفاضلات بابها ينبغي ضبطه بالكتاب والسنة؛ لأنه لا يجوز لأحد أن يفضل قولا ولا عملا إلا بنص شرعي؛ لأن التفضيل راجع إلى حكم الشرع، فلا يستطيع أحد أن يقول إن هذا أفضل إلا إذا كان أكثر ثوابا وأعظم منزلة وقربة لله عز وجل، وهذا أمر غيبي يفتقر إلى ورود النص، ومن هنا تكلم العلماء على قواعد المفاضلة في الأقوال والأعمال، ثم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير