تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [وذبح البقر والغنم على صفاحها]: وذبح البقر والغنم على صفاحها: فالسنة أن يضجعها؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أضجع الكبش، وجعل قدمها على صفحته، ثم سمّى اللهعز وجل. يضجعه على شقه الأيسر، ويسمي الله عز وجل، فيحد شفرته ويريح ذبيحته؛ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعائشة -رضي الله عنها-: ((هلمي المدية، ثم قال لها: اشحذيها بحجر)) ثم ذبح عليه الصلاة والسلام أضحيته. فالسنة في الذبح أن يضجع البهيمة على شقه الأيسر، مقبّلة إلى القبلة، ثم بعد ذلك يسمي الله عز وجل ويتحرى السنة في الرفق بها؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) فبيّن عليه الصلاة والسلام أن السنة الرفق بالحيوان المذبوح، وهذه هي الحقوق التي نادى بها رسول الهدى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والعالم أجمع في دياجير الظلم والظلمات لم يستفق من غفلة، ولم ينتبه من منام حتى بعث الله عز وجل هذا النور، فبين عليه الصلاة والسلام كيف تكون الحقوق حتى للبهائم، بل إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الحق حتى للشجر والأخضر في عدم الإفساد في الأرض، فلا تحتاج هذه الأمة لأحد أن يعلمها، وليس فيها نقص تحتاج لأحد أن يكمّله {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}.

عرف المسلمون حقوق الإنسان، وعرفوا حقوق الحيوان، وعرفوا حقوق الجماد، وعرفوا حقوق كل شيء؛ لأن الله عز وجل أوحى إليهم بهذا الكتاب الذي ما فرط فيه من شيء؛ كما قال سبحانه: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} وقال سبحانه: {وكل شيء فصلناه تفصيلا} فهنيئا ثم هنيئا لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر يعيش على هذه العقيدة أنه مسلم لا يحتاج لأحد مادام عنده كتاب ربه وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستنير بهما بالعلماء العاملين الأئمة المهديين من السلف الصالح والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين -جعلنا الله وإياكم ممن تمسك بهما ورزق الثبات عليهما وحبهما والإخلاص في الولاء لهما إنه ولي ذلك والقادر عليه -.

قال رحمه الله: [ويقول عند ذلك: بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك]: السنة في الذبح والنحر جامعة بين الأقوال والأفعال، وهناك ما يتعلق بالذابح، وهناك ما يتعلق بالمذبوح والمنحور، وقد بينّا بعض الأفعال، فشرع في بيان السنة القولية أنه إذا أضجع البهيمة وقبّلها فإنه يسمي الله عز وجل ويكبره؛ كما ثبت في الصحيح: ((عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: بسم الله والله أكبر)) وأمر الله عز وجل بالتسمية عند الذبح، وحرّم كل مذبوح لا يذكر اسم الله عليه؛ كما قال تعالى: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} وقال سبحانه: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق}.

فالسنة أن يسمي الله عز وجل، وأن يذكر الله عز وجل عند ذبحه، ويكبره جل جلاله؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمى وكبر، ثم يبين إذا كانت أضحية. يقول: اللهم هذه عني وعن أهل بيتي، وإذا كانت عن صدقة واجبة أو غير ذلك يبيّنه يعينه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في النسك مضت سنته على التعيين، وإلا الأصل في النية أنها في القلب؛ ولذلك تلفظ عليه الصلاة والسلام بمكنون النفس وما يقصده عليه الصلاة والسلام في النحر وفي النسك، ففي النسك قال: ((لبيك عمرة وحجة)) كما في الصحيح حتى ثبت عن أكثر من خمسة وعشرين من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال في حجته: ((لبيك حجة وعمرة)) فتلفّظ بنيته وبين المكنون من صدره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير